ذكر دخول الأمير إسماعيل بخارى
كان ذلك فى يوم الاثنين الثانى عشر من شهر رمضان المبارك سنة مائتين وستين (٨٧٣ م) ، وبذلك هدأت المدينة ، وتخلص أهل بخارى من العناء واستراحوا ، وفى نفس هذه السنة جىء إلى الأمير نصر بن أحمد بمنشور ولاية جميع أعمال ماوراء النهر من جيحون إلى أقصى بلاد المشرق من الخليفة الموفق بالله (١) ، وقد قرئت الخطبة فى بخارى باسم الأمير نصر بن أحمد والأمير إسماعيل وكان اسم يعقوب بن الليث الصفار قد سقط منها. وأقام الأمير إسماعيل ببخارى مدة ، ثم ذهب بعد ذلك إلى سمرقند دون إذن من الأمير نصر ، واستخلف على بخارى ابن أخيه أبا زكريا يحيى بن أحمد بن أسد. فلما بلغ «ريشخن (٢)» علم الأمير نصر ، فامتعض لأن ذلك كان دون إذنه ، وأمر باستقباله ، ولكنه هو نفسه لم يخرج ولم يحتف به قط وأمر بإنزاله فى قلعة سمرقند حيث خصصوا له صاحب شرطة سمرقند ، وظل هكذا غاضبا عليه. وكان الأمير إسماعيل يذهب للسلام على غير ما كانت عليه العادة قبل ذهابه إلى بخارى ، وجعل محمد بن عمر خليفة له ، وكان الأمير إسماعيل يجىء للسلام ويقف ساعة وينصرف ، ولا يقول له الأمير نصر أى كلمة ، إلى أن انقضى على هذه الحالة ثلاثة عشر شهرا. فجاء بابن عمه محمد بن نوح وعبد الجبار بن حمزة للشفاعة ، حتى أعاده إلى بخارى وجعل عصمة ابن محمد المروزى وزيره والفضل بن أحمد المروزى كاتبا له. وخرج الأمير نصر مع جميع وجوه وثقات سمرقند لوداعه. وفى هذه الأثناء التفت الأمير نصر إلى
__________________
(١) الموفق بالله (طلحة بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد) ـ أخو المعتمد على الله أحمد الخليفة العباسى الخامس عشر (٢٥٦ ـ ٢٧٩ ه / ٨٦٩ ـ ٨٩٢ م) كان يدير أمور أخيه ولم يعتل إلى مسند الخلافة لوفاته مبكرا. [قاموس الأعلام ج ٤ ص ٣٠٦٣ وح ٦ ص ٤٤٨٦]
(٢) ريشخن (وفى بعض النسخ ريحن ، رسخن) وفى معجم البلدان ج ٤ ص ٣٤٨ ريخشن ـ بكسر أوله وسكون ثانيه وخاء معجمة مفتوحة وشين معجمة ساكنة ونون : من قرى سمرقند ـ عن السمعانى.