وكان رسوله يتردد مرارا جيئة وذهابا إلى أن تم الاتفاق على أن يكون الأمير إسماعيل أمير بخارى والحسين بن محمد الخوارجى خليفة له (١). وقد خضع جنوده لهذا القرار ، وأرسل الأمير إسماعيل بمنشور خلافته إلى الخوارجى مع العلم والخلعة وطافوا بالخوارجى مع هذا العلم والخلعة فى مدينة بخارى. وقد أظهر أهل بخارى ابتهاجهم وكان هذا فى يوم الثلاثاء ، وفى يوم الجمعة تليت الخطبة باسم نصر ابن أحمد وأسقط اسم يعقوب بن الليث منها قبل مجىء الأمير إسماعيل ببخارى وكان يوم الجمعة ذاك أول رمضان المبارك سنة ستين ومائتين (٨٧٤ م).
وقد خرج ابن السيد أبى حفص الكبير رحمهما الله لاستقباله ومعه أشراف بخارى من العرب والعجم حتى وصلوا إلى كرمينة ، وأمر أبو عبد الله بتزيين المدينة ، وقد ندم الأمير إسماعيل على مجيئه إلى بخارى لأنه لم يكن معه حشم كثير وكانت بخارى قد ثارت وقامت فتنة ، ولم يكن يعلم سريرة أهل بخارى نحوه ، فلما خرج أبو عبد الله بن أبى حفص وذهب إلى كرمينة قوى قلبه وعلم أن أهل المدينة لا ينقضون ما يعمله أبو عبد الله ، فقوى عزيمته. وقد مدحه أبو عبد الله بمدائح كثيرة وشجعه ، ولما أدخلوه المدينة عظموه وأكرموه ، وأمر بأن ينثر أهل المدينة عليه كثيرا من الذهب والفضة ، وقد قبض الأمير إسماعيل على الحسين الخوارجى وبعث به إلى السجن وتفرق الغوغاء بقدرة الله تعالى.
__________________
(١) أى نائبا عنه.