يعقوب بن أحمد بالشاش (١) ليجىء بعسكره ويأتى كذلك بأتراك «استجاب (٢)» وجمع جيشا عظيما ومن ثم اتجه إلى بخارى.
وكان ذلك فى شهر رجب سنة مايتين واثنتين وسبعين (٨٨٥ م). فلما علم الأمير إسماعيل أخلى بخارى وذهب إلى فرب (٣) رعاية لحرمة أخيه. فجاء الأمير نصر إلى بخارى ، فلما لم يجد الأمير إسماعيل ذهب إلى بيكند (٤) ونزل هنالك ، فاستقبله أهلها ونثروا عليه الذهب والفضة وأخرجوا عطايا كثيرة. وكان بين الأمير إسماعيل ورافع بن هرثمة الذى كان وقتئذ أمير خراسان صداقة. فكتب إليه الأمير إسماعيل وطلب منه العون ، فجاء رافع بعسكره. وكان نهر جيحون قد تجمد فعبر من فوق الجليد. فلما علم الأمير نصر بمجىء رافع عاد إلى بخارى. واتفق الأمير إسماعيل مع رافع على أن يذهبا وبأخذا سمرقند (٥) ، فبلغ هذا الخبر الأمير نصر فذهب إلى طوايس (٦) على عجل وأخذ عليهما الطريق. فسلك الأمير إسماعيل مع رافع طريق الصحراء ، وكانت جميع رساتيق بخارى فى حوزة الأمير نصر ولم يكونا يجدان الطعام والعلف فى البادية. وكانت تلك السنة قحطا واشتد عليهما الأمر حتى صار المنّ (٧) من الخبز فى عسكرهما بثلاثة دراهم ، وهلك خلق عظيم
__________________
(١) انظر حاشية (٢) ص ٢٢.
(٢) استجاب (استيجاب ـ (Istidjab هكذا فى قاموس ديميزون. أما ياقوت فقد ذكرها كالآتى اسفيجاب ـ بالفتح ثم السكون وكسر الفاء وياء ساكنة وجيم وألف وباء موحدة : اسم بلدة كبيرة من أعيان ماوراء النهر فى حدود تركستان ولها ولاية واسعة وقرى كالمدن كثيرة ... وهى من الإقليم الخامس ... وكانت من أعمر بلاد الله وأنزهها وأوسعها خصبا وشجرا ومياها جارية ورياضا مزهرة ولم يكن بخراسان ولا بما وراء النهر بلد لا خراج عليه إلا اسفيجاب لأنها كانت ثغرا عظيما فكانت تمفى من الخراج وذلك ليصرف أهلها خراجها فى ثمن السلاح والمعونة على المقام بتلك الأرض ، وكذلك ما يصاقبها من المدن نحو طراز وصبران وسانيكث وفاراب حتى أتت على تلك النواحى حوادث الدهر وصروف الزمان. [معجم البلدان ج ١ ص ٢٣٠ ـ ٢٣١] ـ وذكرها مدرس رضوى بهامش نسخة أيضا «استيجاب» والصحيح اسپيجاب بالباء الفارسية المثلثة ومعربها اسفيجاب كما ذكر ياقوت.
(٣) انظر حاشيتنا (١) بصفحة ٢١
(٤) انظر حاشية (٢) ص ٣٤
(٥) انظر حاشية (١) ص ١٨
(٦) انظر حاشية (٤) ص ٢٧
(٧) المن ـ وحدة قياسية للوزن مختلف فى تقديرها.