من ذى القعدة أرسل محمدا بن هارون مع مقدمة العسكر وخرج هو فى اليوم التالى وعبر جيحون ، وجمع الجيوش فى آمويه (جيحون) من كل مكان ، وساروا من بخارى إلى مدينة خوارزم ، وقد أخذوا أهبتهم حتى يوم الإثنين التالى ، واتجهوا من هناك إلى بلخ ، وحاصر عمرو بن الليث المدينة وعسكر هو أمامها وأخذ العسكر وأحاط بالخندق وبقى عدة أيام حتى جاء الجيش وأحكم الأسوار وتظاهر أمام الناس بأنه رحل عن مدينتهم وأدخل السرور على قلوبهم ، وأرسل الأمير إسماعيل عليّا بن أحمد إلى فرياب (١) وأمر فقتلوا عمال عمرو بن الليث ، وأتوا بكثير من المال ، وأرسل الرجال من كل مكان فكانوا يقتلون رجال عمرو بن الليث ويأتون بالأموال ونزل الأمير إسماعيل بعليا باد بلخ (٢) وأقام هنالك ثلاثة أيام ، وأنهض الجيش من هنالك وأظهر بأنه سينزل بالمصلى ، وأمر فوسعوا ذلك الطريق. فلما رأى عمرو بن الليث الأمر كذلك حصن الأبواب فى ذلك الجانب وجعل العسكر يتقدمون إلى تلك الناحية وأقام المجانيق والعرادات هنالك ، ووضع كمينا فى طريق المصلى وشغل مكان الجيش ، فلما طلع الفجر غير الأمير الماضى (٣) الطريق وقصد باب المدينة من طريق آخر ونزل بجسر عطا (پل عطا) ، فتعجب عمرو ابن الليث من هذا العمل وكان يتحتم حمل المجانيق أيضا إلى ذلك الجانب وبقى الأمير إسماعيل هنالك ثلاثة أيام وأمر فقطعوا المياه عن المدينة وأخذوا يهدمون السور ويقتلعون الأشجار وسدوا الطرق (٤) حتى كان صباح يوم الثلاثاء ، فركب الأمير
__________________
(١) فى نسخة مدرس رضوى «فارياب» وهى كما ورد فى معجم البلدان ج ٦ ص ٣٢٨ : «بكسر الراء ثم ياء مثناة من تحت وآخره باء ، مدينة مشهورة بخراسان من أعمال جوزجان قرب بلخ غربى جيحون وربما أميلت فقيل لها «فيرياب».
وهذه غير «فاراب» مسقط رأس الفارابى الفيلسوف المعروف وقد أشرنا إليها فى تعليقنا على «طراز» بصحيفة ١١٧. وجدير بالذكر أنه توجد ضمن الولايات الشمالية بأفغانستان ولاية تسمى فارياب يحدها من الشرق ولايتا جوزجان وبلخ ومن الغرب ولاية بادغيس.
(٢) قرية من قرى بلخ.
(٣) الأمير الماضى لقب الأمير إسماعيل السامانى.
(٤) فى نسخة شيفر «وراهها راست كردند» أى قوموا الطرق. وفى نسخة مدرس رضوى ص ١٠١ «راهها بست كردند» أى سدوا الطرق ، وهذا أنسب.