يركبونى الهودج ويبلغونى المدينة مكرما ويدخلونى سمرقند ليلا بحيث لا يعلم أحد من أهلها ، واشترى الأمير إسماعيل خاتمى من الشخص الذى كان معه بثلاثة آلاف درهم (١) ودفع ثمنه وأرسله إلىّ ، وكان فص الخاتم من الياقوت الأحمر. وقال عمرو بن الليث : كان معى يوم المعركة أربعون ألف درهم نهبت فى الحرب ، وكنت على جواد يقطع خمسين فرسخا ، وقد سبق لى تجربته ، فكان اليوم يسير بضعف بحيث رغبت فى الترجل عنه ، وقد غاصت قوائم الحصان فى جدول فسقطت عنه ويئست من نفسى ، فلما قصدنى هذان قلت لمن كان معى : اركب حصانى ، فركبه ونظرت فكان يسير كالسحاب ، فعرفت أن ذلك كان لإدبارى وليس عيب الحصان.
وقال عمرو بن الليث للأمير إسماعيل : لقد أخفيت فى بلخ عشرة أحمال من الذهب ، فمر بأن يأتوا بها فأنت أولى بها اليوم. فبعث الأمير إسماعيل شخصا وأتوا بها وأرسلها جميعا إلى عمرو بن الليث ، وكلما ألحوا على الأمير إسماعيل رحمه الله لم يقبل (منها شيئا) ، ووصل كتاب أمير المؤمنين إلى سمرقند بطلب عمرو بن الليث ، وكان عنوان الكتاب مكتوبا هكذا : «من عبد الله بن الإمام أبى العباس المعتضد بالله أمير المؤمنين إلى أبى إبرهيم إسماعيل بن أحمد مولى أمير المؤمنين» (٢) فلما وصل الكتاب إلى الأمير إسماعيل حزن من أجل عمرو بن الليث ، إذ لا يمكن رفض أمر الخليفة فأمر فجىء بعمرو بن الليث إلى بخارى فى الهودج ولم يره الأمير إسماعيل وجهه خجلا وأرسل إليه شخصا قائلا : إذا كانت لك حاجة فاطلبها.
فقال عمرو بن الليث : يعنى بأولادى [وأوص من يحملونى بأن يحسنوا معاملتى](٣) ففعل الأمير إسماعيل هكذا وأرسله إلى بغداد فى الهودج ، وحين بلغ بغداد سلمه الخليفة إلى صافى الخادم ، وظل فى القيد عند صافى الخادم حتى آخر عهد المعتضد ، وبقى فى السجن عامين حتى قتل سنة ثمانين ومائتين (٨٩٣ م) ولما بعث الأمير
__________________
(١) فى نسخة شيفر (به درم) أى بثلاثة دراهم ، وفى نسخة مدرس رضوى ص ١٠٨ «سه (هزار) درم» أى ثلاثة آلاف درهم وهو الأنسب.
(٢) هذه العبارة وردت فى الأصل بالعربية.
(٣) هذه العبارة المحصورة بين القوسين [...] موجودة بنسخة مدرس رضوى بين القوسين أيضا وغير موجودة بنسخة شيفر.