ذكر ولاية الأمير الحميد أبى محمد نوح بن نصر
ابن أحمد بن إسماعيل السامانى
تولى الأمير الحميد الملك فى أول شعبان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة (٩٤٣ م) ووزر له أبو ذر ، وكان قاضى بخارى ، ولم يكن فى زمانه أفقه منه ، وكتاب «المختصر الكافى» من تصنيفه. ولما توفى الأمير السعيد استقل كل شخص بناحية ، فخرج الأمير الحميد من بخارى وذهب إلى نيسابور ، وكان أبو على الإصفهانى أمير نيسابور ، فأرسل فقبضوا عليه ، واستصفى الولايات وبدد شمل المخالفين وأعطى نيسابور لإبرهيم سيمجور. وقال أبو على الإصفهانى فى نفسه : أنا مهدت له الملك وأعطى الولاية لآخر ، وقال أبو على الإصفهانى لأبى إسحق إبرهيم ابن أحمد بن إسماعيل السامانى اذهب إلى بخارى وخذ الملك وحينما أكون معك لا يستطيع الأمير مقاومتك. فساق أبو إسحق العسكر وأظهر الخلاف ، فعاد الأمير الحميد من نيسابور وتوجه إليه أبو إسحق ووقعت بينهما الحرب وهزم الأمير وتقهقر إلى بخارى وتعقبه عمه أبو إسحق حتى بخارى ، وفى جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (٩٤٦ م) بايعه جميع أهل بخارى وقرئت الخطبة على جميع منابر بخارى باسم أبى إسحق. وتبين بعد مدة أن جنده أضمروا له الشر ، واتفقوا مع الأمير الحميد ، ويعتزمون قتله ، فنكص عن بخارى وذهب إلى «چغانيان» (١) وأعطى الأمير الحميد قيادة الجيش لمنصور قراتكين وأرسله إلى مرو وقبض على علىّ بن محمد (٢) القزوينى وأوثقه وأرسله إلى بخارى ، وأخمد تلك الفتنة. ووقعت للأمير الحميد فى مدة ولايته حروب كثيرة مع كل طامع فى ملكه. وفى سنة إحدى وأربعين وثلثمائة (٩٥٢ م) صفت الولايات للأمير الحميد. وقد فارق الأمير الحميد الدنيا فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة (٩٥٤ م وكانت مدة ملكه اثنتى عشرة سنة.
__________________
(١) چغانيان تنطق «تشغانيان» : اسم محلة فى سمرقند (برهان قاطع).
(٢) فى بعض النسخ على بن أحمد القزوينى.