النوبة على هؤلاء القوم (ثانية) ، وكان يتحتم على كل منهم أن يجىء فى العام أربعة أيام على هذا المنوال.
فلما توفيت هذه الخاتون كان ابنها «طغشادة» قد كبر واستأهل الملك بينما كان الكل يطمع فى هذا الملك.
وقد كان ثمة وزير أصله من التركستان يسمى «وردان خداة» وكانت له إمرة «وردانة» وقد خاض معه قتيبة (١) حروبا كثيرة إلى أن مات «وردان خداة» هذا ، واستولى قتيبة على بخارى بعد أن أخرج «وردان خداة» مرارا من هذه الولاية حتى هرب إلى التركستان. فأعطى قتيبة بخارى لطغشادة ثانية وأجلسه على العرش وصفا له الملك وكف عنه أيدى جميع أعدائه.
وكان «طغشادة» قد أسلم على يد قتيبة وظل يحكم بخارى طيلة حياة قتيبة ، كما بقى ملك بخارى فى يده بعد قتيبة فى عهد نصر بن سيار. فملك بخارى اثنين وثلاثين عاما ، وأنجب طغشادة وهو فى الإسلام ولدا أسماه قتيبة محبة فى قتيبة بن مسلم ، فأجلس قتيبة هذا على عرش والده وبقى على الإسلام مدة إلى أن ارتد فى زمان أبى مسلم رحمه الله ، فعلم أبو مسلم بذلك وقتله وأهلك أخاه كذلك مع أهله ، وبعد ذلك صار «بنيات بن طغشادة» ملكا على بخارى وكان قد ولد فى الإسلام وظل عليه مدة. فلما ظهر «المقنع» وظهرت فتنة المبيّضة أى ذوى الأردية البيضاء (سپيدجا مكان) فى رستاق بخارى مال إليهم «بنيات» وأعامهم حتى طالت أيديهم وتغلبوا ، فأخبر صاحب البريد الخليفة ، وكان الخليفة إذ ذاك «المهدى». ولما فرغ المهدى من أمر المقنع والمبيضة أرسل الفرسان ، وكان بنيات جالسا فى قصر «فرخشى» يحتسى الشراب فى المجلس وينظر من الشرفة ، فرأى الفرسان قادمين من بعيد ، فأدرك بالفراسة على الفور أنهم من قبل الخليفة ، وبينا كان يتدبر الأمر إذ بهم وصلوا وسلوا السيوف دون أن يتكلموا وضربوا رأسه وذلك
__________________
(١) أى القائد العربى الأمير قتيبة بن مسلم الباهلى ، استشهد سنة ٩٦ ه (٧١٤ م) ، انظر تعليقنا عليه بصفحة ٦٩ حاشية ١.