ذكر بناء شمس آباد
اشترى الملك شمس الملك ضياعا كثيرة بباب إبرهيم وأنشأ بساتين فى غاية الجمال وأنفق الأموال الطائلة والخزائن فى تلك العمارات وسماها «شمس آباد» ، وأنشأ مرعى متصلا بها لدوابه الخاصة وأسماه «الغورق» وجعل له أسوارا محكمة طولها ميل ، وبنى بداخله قصرا وبرجا للحمام. وكان يقتنى فى ذلك الغورق الحيوانات الوحشية مثل الوعول والغزلان والخنازير والثعالب ، وكانت كلها مروضة ومحاطة بأسوار عالية حتى لا تستطيع الفرار. ولما رحل الملك شمس الملك عن الدنيا ، تولى الملك أخوه خضر خان وزاد عمارات فى شمس آباد كانت نزهة للغاية. ولما ارتحل هو أيضا عن الدنيا ، صار ابنه أحمد خان ملكا فلم يعن بشمس آباد هذه حتى تخربت ؛ فلما جاء ملكشاه من خراسان إلى بخارى أكثر التخريب ، ولما ذهب إلى سمرقند قبض على أحمد خان وحمله إلى خراسان ثم عاد فأرسله إلى ماوراء النهر ، وكانت شمس آباد قد تخربت تماما ، وأمر فبنيت له دار بجويبار (١) وأنشأ بها بستانا ونهرا جاريا وجمع فيها كل أسباب الترف ، وظلت هذه السراى دار الملك ببخارى مدة ثلاثين عاما.
فلما تربع أرسلان خان على العرش كان يقيم بتلك الدار كلما جاء إلى بخارى ، وبعد ذلك رأى من الصواب أن يهدموها وأمر فأزالوا تلك الدار ونقلوها إلى القلعة وبقى ذلك الموضع خرابا.
وبعد عدة سنوات أمر أرسلان خان ببناء دار فى محلة «دروازه چه» (٢) أى الباب الصغير فى حى بوليث ، وأمر ببناء حمام خاص بها وحمام آخر بباب السراى لم يكن له مثيل. وظلت هذه السراى دار الملك ببخارى سنوات طوالا ، وأمر بعد ذلك فجعلوها مدرسة للفقهاء وأوقفوا الحمام الذى كان على باب السراى والقرى الأخرى على تلك المدرسة ، وأمر فبنوا سرايه الخاصة بباب سعد آباد.
__________________
(١) حى هام فى بخارى ، كان فى وقت ما مقر الأشراف الجويباريين (خواجكان جويبارى).
(٢) فى نسخة مدرس رضوى (دروازه) أى الباب أو البوابة :