ذكر فتح بخارى وظهور الإسلام فيها
روى محمد بن جعفر : أن زوج الخاتون أم طغشادة قد مات ، وكان ابنها الأمير بخار خداة صغيرا ، وكانت هذه الخاتون تتولى الملك ، وقد مر ذكرها مع عبيد الله بن زياد وسعيد بن عثمان بن عفان رضى الله عنهما ، وفى كل مرة كان عسكر الإسلام يأتى إلى بخارى ويغزو فى الصيف ويعود فى الشتاء ، وكانت هذه الخاتون تحارب كل من يأتى مدة ثم تصالحه.
ولما كان ابنها صغيرا فإن كل واحد من الأهل كان يطمع فى هذا الملك ، وكان بخار خداة قد استولى على بخارى بالحرب ، وكان أهل بخارى فى كل مرة يسلمون ثم يرتدون حين يعود العرب ، وكان قتيبة قد حملهم على الإسلام ثلاث مرات ثم عادوا فارتدوا وكفروا. وقد حارب قتيبة هذه المرة الرابعة واستولى على المدينة وأظهر الإسلام بعد عناء كبير وغرسه فى قلوبهم وشدد عليهم بكافة الطرق. وكانوا يقبلون الإسلام فى الظاهر ويعبدون الأصنام فى الباطن. فرأى قتيبة من الصواب أن يأمر أهل بخارى بأن يعطوا نصف بيوتهم للعرب ليقيموا معهم ويطلعوا على أحوالهم فيظلوا مسلمين بالضرورة ، فأظهر الإسلام بهذه الطريقة وألزمهم بأحكام الشريعة وبنى المساجد وأزال آثار الكفر ورسم المجوسية ، وكان يبذل فى ذلك جهدا عظيما ، ويعاقب كل من قصر فى أحكام الشريعة ، وبنى المسجد الجامع وأمر الناس بأداء صلاة الجمعة بما فى ذلك أهل بخارى فليجعل الله تعالى ثواب هذا الخير ذخيرة آخرته.