فلما ازداد الإسلام ، وكانت رغبة الناس فى الإسلام تزداد كل يوم ، لم يتسع لهم ذلك المسجد إلى أن كان زمن الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى (١) حين صار أمير خراسان فى زمن هارون الرشيد ، فتجمع أهل بخارى واتفقوا فيما بينهم وأنشأوا مصرف (٢) الحصار وبنوا بين الحصار والمدينة المسجد الجامع سنة مائة وأربع وخمسين (٧٧٠ م) وصلوا الجمعة فى مسجد الحصار الجامع. وحين بلى المسجد الجامع تعطل مسجد الحصار الجامع كذلك ، وصار ديوانا للخراج ، ولم يكن لأحد فى عمارة المسجد الكبير ما كان للفضل بن يحيى البرمكى من الأثر ، وقد أنفق عليه مالا كثيرا وكان كلّ بعد ذلك يزيد فيه ، حتى كان زمن الأمير إسماعيل السامانى رحمه الله ، فاشترى دورا كثيرة ، وزاد فى المسجد مقدار الثلث. وكان أول من أمر بقناديل فى المساجد فى شهر رمضان هو الفضل بن يحيى البرمكى هذا.
حكاية : روى أنه فى أيام الأمير السعيد نصر بن أحمد بن إسماعيل ، حين دخل الناس المسجد الجامع فى يوم جمعة من شهر رمضان انهار عليهم المسجد دفعة وهلك فيه خلق كثير وأقيم العزاء فى جميع المدينة وأخرج بعضهم وما يزال فيهم رمق ، وكانوا يموتون بعد فترة. وكان بعض آخر مكسور الأطراف ، وهلك خلق كثير فى عامة المدينة بحيث بقيت مدينة بخارى بعد ذلك خالية ثم صمد أهل المدينة وعاونهم كل من أتباع السلطان وقام بهذا العمل أبو ... (٣) القاضى رحمه الله ، حتى تم فى سنة واحدة ، ثم تهدم مرة أخرى فى العام التالى وانهار كل من جانبى القبلة ولكن لم يكن أناس هنالك ، فأعادوا عمارته. وقد أقام أبو عبيد الله بن
__________________
(١) هو أبو العباس الفضل بن يحيى بن خالد البرمكى (١٤٧ ه ـ ١٩٣ ه (٧٦٤ ـ ٨٠٨ م) أخو هارون الرشيد فى الرضاعة ، قلد منصب الوزارة قبل أخيه جعفر البرمكى ثم عين واليا على خراسان بعد أن تولى أخوه الوزارة ـ اشتهر بالعدل والجود فى خراسان وبنى فى مدينة بلخ مسجدا جامعا مكان بيت النار المسمى بنوبهار. سجنه هارون الرشيد مع والده يحيى بعد أن قتل أخاه جعفرا سنة ١٩٣ ه / ٨٠٨ م ومات فى السجن أثناء التعذيب. (قاموس الأعلام ج ٥ ص ٣٤١٤ ـ لغات تاريخية وجغرافية ج ٥ ص ٢٠٤).
(٢) مكان يتجمع فيه الماء الفائض (باركين ـ Barguin).
(٣) هكذا فى الأصل فى كلا النسختين.