وجلس ، ولم يستطع أن يتكلم قط. فقال السيد رحمة الله عليه : ما حاجتك؟ فلم يستطع الكلام برغم ما بذل من جهد ليتكلم. فلما رأى خشويه الأمير (١) قال له : كيف وجدت السيد أبا حفص؟ قال : كما قلت ، بقيت متحيرا ، ذهبت إلى الخليفة مرارا وتحدثت إليه ولم تمنعنى مهابة الخليفة من الكلام وهنا لم أستطع الكلام لهيبته (٢).
روى عن محمد بن سلام البيكندى ، وكان زاهدا عالما ، أنه قال : رأيت فى المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ببخارى فى سوق خرقان ـ ومن أول كوى مغان (محلة المجوس) إلى كوى دهقانان (محلة الدهاقين) كان يسمى قديما سوق خرقان. قال : رأيت الرسول مقتعدا نفس الناقة التى جاء ذكرها فى الحديث ، وعلى رأسه عمرة بيضاء وقد وقف أمامه جمع غفير يهللون بمجىء الرسول عليه السلام ، ويقولون أين ننزل الرسول صلوات الله عليه ، وعندئذ أنزلوه بمنزل السيد الإمام أبى حفص رحمة الله عليه ، ورأيت السيد أبا حفص جالسا أمام الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ كتابا. وأقام الرسول عليه السلام مدة ثلاثة أيام بمنزل السيد أبى حفص وهو يقرأ الكتاب والرسول عليه السلام يسمع ، ولم يرده قط فى هذه الأيام الثلاثة واستصوب كل ما قرأه.
ولم تبق دار السيد أبى حفص رحمة الله عليه اليوم ، لأن الناس بنوا هنالك ، ولكن بقيت آثارها والصومعة أيضا باقية فى تلك الدار وهى مستجاب الدعوة (٣) وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائتين (٨٢٢ م) ، وتربته فى الباب الجديد (دروازه نو) معروفة وهى مكان الدعاء المستجاب. ويسمى ذلك التل تل السيد الإمام أبى حفص ، وهنالك مساجد وصوامع وبها مجاورون على الدوام والناس يتبركون بتلك التربة ،
__________________
(١) العبارة فى المتن الفارسى نصها : چون أمير خشويه را ديد» ومعناها : فلما رأى الأمير خشويه ـ وهذا خطأ واضح نبه إليه مدرس رضوى فى الحاشية حيث قال : وفى نسخة «چون خشويه أمير را ديد» ومعناها : فلما رأى خشويه الأمير ، وهذا أنسب.
(٢) أى لهيبة أبى حفص.
(٣) أى المكان الذى تستجاب فيه الدعوة.