وأما ليلي فمسهّد ، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم ... وستنبئك إبنتك بتضافر أمتك على هضمها ، فاحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله ، والله خير الحاكمين. والسلام عليكما سلام مودّع لا قالٍ ولا سئم ، فإن انصرف فلا عن ملالة ، وإن اقم عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين ... فبعين الله تدفن ابنتك سراً ، ويهضم حقها ، وتمنع إرثها ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، إلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك يا رسول الله أحسن الغراء ، صلى الله عليك ، وعليك وعليهاالسلام والرضوان ».
قال الحاكم في المستدرك لما ماتت فاطمة قال علي بن أبي طالب :
لكلّ إجتماعٍ من خليلينِ فرقة |
|
وكل الذي دون الفراق قليلُ |
وإنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد |
|
دليل على أن لا يدوم خليلُ |
وعاد عليّ عليهالسلام إلى منزله يتجرع ألم فراق الزهراء ، ويعاني من ضروب الوحشة ما شاء أن يعاني ، فقد كانت الزهراء سلوته بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس رسول الله مما يسلى عنه ، وعطف إليه ولديه الحسن والحسين ، وثلة صغيرة من بني هاشم والأنصار ، ونظر في الأفق البعيد ، فرأى الأجدر به أن يبايع القوم ، فلقد قلّ ناصره بعد الزهراء ، وقد لاحت إمارات الأرتداد في الأفق ، وعليّ أولى الناس بالغيرة على جوهر الإيمان ، وهو أكثر الناس رفقاً ، وأمسهم رحماً بوشائج الناس ، وهو قد أبلغ في الإعذار إلى ربه وإلى المسلمين وإلى نفسه في كشف ظلامته ، وتناهت أخبار هذا العزم إلى أبي بكر ( رض ) فقصده إلى داره ، وأقبل مهرولاً إليه ، فاستقبله عليّ استقبال الصديق ، وهش إليه ابو بكر ، وكأن