(٢)
استقبال خلافة الإمام بين المحرومين
والأُستقراطيين
استقبل الضعفاء والمحرومون خلافة الإمام بالغبطة والسرور ، وتلقتها الطبقة الأُرستقراطية من قريش بالحقد والكراهية ؛ وكان المناخ الاجتماعي في المدينة يضم أهل الورع والتقوى يعتضد بهم الإمام ، ويضم أيضاً أهل النفاق والشقاق فيضيق بهم الإمام ، وكان المسرح الإداري من ذي قبل يعجُّ ويضجُّ بأهل الطمع والأثرة ، فالولايات تحتجن ، والمناصب يستولي عليها المقربون والأصهار ، وكان المناخ السياسي مضطرباً أشد الإضطراب في واقعه ، وإن بدا أول الأمر متماسكاً بعض الشيء.
وتحشد الطامعون بالأمر يجمعون شتاتهم ويعلنون عصيانهم ، وكانت الحجاز والكوفة والبصرة واليمن في طاعة الإمام حينما بويع له ، وكان أمر الشام لا يريد أن يستقيم للإمام ، ففي الشام معاوية بن أبي سفيان ابن عم عثمان ، ومن الإمكان أن يتظاهر طالباً بدم عثمان ، وأن يأوى إليه المردة من أعداء الإمام ، وأصحاب الدنيا ممن فارق أو سيفارق الإمام ، وقد بدت علائم ذلك تظهر في الأفق تدريجياً وبانتظام ، فها هو يترصد في البيعة بل يتلكأ عنها ، وها هو يدير أمره بدقة وحذر شديدين ، ويحكم أمره بأناة وصبر طويلين ، وهو لا يتورع من الإغراء