(٥)
حرب الجمل ... وهزيمة المتمردين
كان عليّ عليهالسلام راغباً بالسلم ، مؤثراً الصلح ، فلمّا علم نية القوم بإرادة الحرب ، أراد أن يعذر لله وللمسلمين ولنفسه ، وشاء أن يستعمل آخر ما يجد إليه سبيلاً بإلقاء الحجة ، فأمر أحد أصحابه أن يبرز بين الصفين ـ وقد تأهبت القوى جميعاً ـ وبين يديه كتاب الله يدعوهم للعمل بما فيه والرجوع إليه ؛ وامتثل الرجل الأمر ، ورفع القرآن بكلتا يديه ، ودعاهم إلى ما فيه ، فأتته السهام كشآبيب المطر حتى سقط قتيلاً ، وحُمل إلى أمير المؤمنين فاسترجع وترحم عليه. وابتدر عمار بن ياسر رحمهالله القوم واعظاً ومؤنباً ومذكراً فقال :
« أيها الناس ما أنصفتم نبيكم صنتم عقائلكم في خدورها ، وأبرزتم عقيلته للسيوف ».
ورشق عمار ومن معه بالنبل ، وأصيب من أصيب من أصحابه ، وقتل أخ لعبد الله بن بديل ، فحمله أخوه إلى أمير المؤمنين ، وتأمل عليٌّ عليهالسلام هنيئة ، فرأى وقدر وفكر ، فلم يجد بداً مما ليس منه بد ، وخرج بين الصفين ، واستدعى طلحة والزبير فخرجا إليه ، وقال لهما :
ألم تبايعاني ، قالا : بايعناك كارهين ، ولست أحق بهذا الأمر منا.
واوضح لهما كذب الدعوى ، فما إستكره الإمام أحداً على البيعة ، ثم إلتفت إلى طلحة وقال : أحرزت عرسك ، وخرجت بعرس