(٨)
المسلمون يستقبلون بيعة عثمان بالكراهية
استقبل علي عليهالسلام بيعة عثمان (رض) واجماً ، وقبل نتائجها ساخطاً ، فقد حققت قريش أغراضها في استبعاد أهل البيت ، وتبوأت مسلمة الفتح مكانة جديدة لم تحلم بها ؛ ولم تكن بيعة عثمان رضاً لعامة المسلمين ، فمنهم من رضي بها على مضض ، ومنهم من سخط عليها علانية ، ومنهم من تقبلها بقبول حسن ، ومنهم من أرغم على قبولها فتحرق غيظاً ، أما بنو أمية فتلقوها بالغبطة والسرور ، فالبيت الأموي وحده هو الذي يقف في وجه البيت الهاشمي ، وقف ضده في الجاهلية ، فليقف ضده في الإسلام ، والتأريخ يعيد نفسه.
وأما أهل المدينة من الأنصار ومن شايعهم فاستقبلوها بالكراهية والحذر والقلق الشديد.
وأما قريش فقد اجتمعت ـ وليس لأول مرة ـ على نزع سلطان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من آل رسول الله فهي راضية مستبشرة مطمئنة ، بقي رجال العقيدة الصلبة ، وأصحاب الكلمة النافذة ، فقد أنكروا حين لا يجدي الإنكار ، وقد عارضوا حيث لا تقدم المعارضة شيئاً لا تؤخر ، وقد قالوا ما شاؤوا أن يقولوا فما نفع القول ، وكان أشدهم المقداد بن عمرو وعمار بن ياسر ، قال المقداد ، وعثمان يبايع في المسجد النبوي :
« ما رأيت مثل ما أوذي به أهل هذا البيت بعد نبيهم ».