(١)
الانصار تحتج ... وعلي يمسك عن البيعة
تقول إحدى الروايات أن علياً عليهالسلام قال :
« إن أول من جرّأ علينا الناس سعد بن عبادة ».
وهذه الرواية تضع سعداً موضع الإتّهام ، بل وتعدّه منحرفاً عن علي ، وسعد رجل من العرب ، رأى المهاجرين قد أبوا على علي عليهالسلام البيعة ، وصرفوها عن بني هاشم ، فلم لا يطلبها لنفسه ، هذا هو التعليل في أكبر الظن. وقد يقال بأنه أرادها لنفسه ظاهراً ليستولي على الأمر فيسلمها إلى علي عليه اسلام وليس على ذلك دليل نصي أو تأريخي سوى حسن الظن في شيخ من شيوخ الأنصار ، وكانت الأنصار عيبة نصح علي ، وهواها مع علي ، أكثريتها وأغلبيتها ، فلما انتهى أمر السقيفة ندمت على ما فعلت ، وتلاومت فيما بينها ، وأرادت نقض بيعة أبي بكر.
وعلي يرقب الأحداث ويشاهدها عن كثب في فيض من المشاعر الملتهبة ، وغمرة من الشؤون النفسية الجيّاشة ، بين لهفةٍ على ضياع الحق ، وخشيةٍ من اضطراب الأمر ، وقلق من حدوث الفتنة ، فها هم الأنصار يرجعون إلى حلومهم بعد أن طاشت ، ويعودون إلى تعقلهم به دون جدوى ، ويندمون على تفريطهم لات ساعة مندم. فلينظر إلى أين