تنتهي هذا الرواية؟ وكيف تمثل فضول المأساة؟
على أن الندم لم يصنع شيئاً ، والا حتجاج لم يغيرّ حدثاًُ ، والتراجع لا ينقض أمراً ، فقد جوبه الأنصار مضافاً إلى القيادة القرشية العليا ، جوبهوا بمسلمة الفتح تذبّ عن مرشح قريش ، فأشغل الأنصار ـ بدهاء منقطع النظير ـ بمسلمة الفتح ، واندمج بنو اُميه في رحاب البيعة التي أبعدت بني هاشم أعداءْ هم التقليديين ، وعطفت بنو زهرة عنانها مع تيم ، فما ينفع نداء الأنصار في آخرة ، وما أعذروا من ذي قبل ... إنه صيحة في وادٍ ، ونفخة في رماد، فهذا سهيل بن عمرو صاحبهم في الحديبية يدعو في نخوة : « يا أهل مكة ... كنتم آخر من أسلم في الناس ، فلا تكونوا أول من ارتد من الناس؛ يا أهل مكة. والله ليتمن الله عليكم هذا الأمر كما قال رسول الله ، ومن رابنا ضربنا عنقه ».
قال ذلك لأهل مكة عامة ، والتفت لقريش وقال لها خاصة ، وقد شاهد الأنصار يحاولون التغيير ، وكان التفاته هذا مزدوجا في ردوده ، ففيه إحكام للأمر دون تردد ، وفيه وعيد للأنصار دون رحمة ، وفيه أمر بالقتال بلا هوادة :
« يا معشر قريش : إن هؤلاء الناس قد دعوا إلى أنفسهم ، وإلى علي بن أبي طالب ، وعليّ في بيته لو شاء لردّهم ، ألا فادعوهم إلى صاحبكم والى تجديد بيعته ، فإن أجابوكم وإلاّ فأقتلوهم ، فوالله إني لأرجو الله أن ينصركم عليهم كما نصرتم بهم ». وتبعه عكرمة بن أبي جهل « لولا قول رسول الله : الأئمة من قريش ما أنكرنا إمرة الأنصار ، إعذروا القوم فإن أبو فاقتلوهم ».
فالدعوتان تشيران إلى القتل والإبادة ، وكيف تكون الفتنة إذن؟