(٩)
عليٌّ رفيق النبي في حربه وسلمه
بلى تخلف عليٌّ عليهالسلام مرة واحدة عن غزوات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكنه لم يتخلف بالمعنى الدقيق ، وإنما استخلف ، وذلك في غزوة تبوك.
فقد بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الروم قد جمعت له ، فأوحى الله تعالى إليه أن يسير إليهم ويستنفر لذلك الناس ، وأعلمه أنه لا حرب ولا قتال في هذه الغزوة ، وإنما ينتدب الناس للاختبار والإمتحان ، وكان القيظ شديداً ، والثمار قد أينعت ، فنهعض من نهض معه ، وتخلف عنه الكثيرون بقيادة عبد الله بن أبي ابن سلول ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سار بثلاثين ألفاً في أهبة وإعداد ، على أن عسكر ابن أبي ابن سلول في ثنية الوداع لم يكن بأقل العسكرين كما يقول ابن سعد في الطبقات وابن هشام في المغازي.
واستخلف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً عليهالسلام على المدينة ، إذ لا حاجة ملّحة إليه بعد إنبائه بأنه لا يمنى بقتال ، وكان هذا الاستخلاف له ما يبرره سياسياً وقيادياً ، فقد كانت المدينة يرجف بها المنافقون ، ويغدو عليها سراً هؤلاء اليهود ، وكان بنو غنم بن عوف قد بنوا مسجد ضرار ، وطلبوا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلي فيه ، وكانوا يظهرون الإيمان ويسرّون النفاق ، فقد بني هذا المسجد في قبال مسجد قبا ، وقد بني أيضاً إرصاداً