(٢)
الإعداد الخاص حتى معركة بدر الكبرى
وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يعّد علياً عليهالسلام إعداداً خاصاً ، ويشفق عليه إشفاقاً غريباً ، يتطلع وراء الأفق لما سيحققه هذا الفتى من بناء الإسلام والتطويح بالوثنية ، فقد منحه الله بناء جسمياً متكاملاً ، وقد بدت عليه سمات الفتوة والرجولة والقيادة ، فهو قوي البدن ، مفتول الساعدين ، عريض ما بين المنكبين ، فيه سمرة العرب وهيبة الإسلام ، وعليه سيماء الفطنة ومظاهر الإعتداد ، وبه صدق العزيمة ومخائل الصبر ، وله حكمة الشيوخ وعزم الشباب؛ هذه صفات تعده لحرب أعدائه ، وهناك خصائص تعده لحمل رسالته ، فهو خشن في ذات الله ، وهو متورع في سبيل الله ، وهو عقلية تعي المفاهيم الجديدة ، وهو قطعة من الذكاء ورهافه الحس ، يدرك من محمد ما في نفسه ، ويستقرئ ما يجول بخواطره من هموم وآمال وتطلعات ، هذا الملحظان البدني والنفسي عند علي عليهالسلام ينظرهما محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعين الرضا والإعجاب ، فيوليه نفحات الاصطفاء من جهة ، ويمنحه لهما الحب الخالص من جهة أخرى ، فيلتقى علي عليهالسلام منه هذا السيل الهادر من الأمدادات مع التثقيف والتقويم والشمولية ، وينعطف منه على ذلك النبع الثرّ من العطف والإيثار والحذر ، يتحفه بكنوز من العلم لا تفنى ، ويضفي عليه من حلل الثناء ما لا يبلى ، يجتمع وإياه في صلة القربى ، ويختصه دون