سواه بالحكمة ضروب المعرفة ، ويعمله معالم الدين جملة وتفصيلاً ، حتى صيّره صورة صادقة له في الخلق العظيم ، وقدوة حسنة في الكمال المطلق ، فهو يدعوه أخاه ويعتبره نفسه ، ويجتبيه بكل لطف وعناية ، ويحذر عليه من كل بلية وداهية.
ولكن مقومات علي عليهالسلام النفسية تقتضي أن يحملّه شطراً من رسالته ، وعبأ من ثقل أمانته ، وليس هذا وقت الحديث عن ذلك ، ومقومات عليّ البدنية وقدراته النضالية تقتضيان أن يقذف به محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم في بطولات الحروب. ويشركه في عظائم الأمور ، إستئناساً بقابليته الفذّة ، ويرشحه لكبريات القضايا إعتداداً بكفايته الفريدة.
وتخرج قريش بعيرها عائدة من الشام ، وقد حملت ما شاء لها أن تحمل من تجارة القوم ، فيمسك لها محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالطريق ، ويحرّض المسلمين على الرصد والأخذ حين الغرّة ، ويقود الحملة بنفسه ، وعليًّ إلى جنبه ، وينتدب المسلمون لها ، وهم يطمعون بالعير ، ويأبى الله إلا النفير ، وهذا أبو سفيان يصله النذير فيتيامن جهة البحر ويساحل بأثقاله ، وهذه قريش تعمى عليها الأخبار فتهب هبة واحدة مستعدة للحرب ، أبو سفيان على العير ، وعتبة وأبو جهل على النفير ، وتصل العير إلى مكة ، ويخرج النفير منها ، ويتساءل بعض القوم ، وتلاوم بعضهم الآخر ، فيم الخروج أذن ، وقد وصل أبو سفيان بتجارة قومه إلى حيث الأمن والدعة ، ولكن القادة من قريش يصرّون على الحرب ، ويخرجون بقضهم وقضيضهم كما يقال ، هزجين فرحين بين المعازف والقيان ، والمسلمون يترصدون العير فلا يظفرون بها ، ويودّ المسلمون أن لو كانت غير الشوكة لهم ، ويأبى الله إلا أن تكون ذات الشوكة لهم ،