(١٢)
المهمات القيادية السياسية والتعليمات
العسكرية لأمير المؤمنين
وكان عليٌّ عليهالسلام في تدبيره سياسة الدولة ، لا يكافح العصبية القبلية وحدها ، ولا يسوي القضية المالية فحسب ، ولا يعالج النفوس المتشتتة ليس غير ، وإنما أراد أن يعود بالإسلام إلى ينابيعه الأولى في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ابتعد الناس عن هذا العهد طيلة ثلاثين عاماً ، ومهمة العودة بالمسلمين إلى الإسلام الصحيح مهمة شاقة ، فقد اعتاد الناس حياة البذخ والترف ، وقد بدأت الدنيا تقترب منهم أو يقتربون منها ، بدأ حب الجاه والسلطان يشق طريقه إلى قلوب القوم ، وبدأ حب المال يسيطر على التفكير ، وبدأت الطباع جافة غليظة متغطرسة ، واستبد بالمسلمين الميل إلى الدعة ، والرضا بالهوان ، وكان لا بد للإمام أن يصلح هذا كله ، وأن يتدارك هذا كله ، وقد بدأ الإصلاح والتدارك بسيرته الذاتية ، فكان أحد المسلمين وإن كان أميرهم ، فلم يستأثر بفيء ، ولم يمل إلى رفاهية ، ولم يتكلف سعة ، بلف ضيّق على نفسه وأهله وولده كل التضييق ، ليتأسى به الفقير ولا يزري به فقره ، وكان حريضاً أن يشيع العدل بين الرعية فساوى بالعطاء ، ولم يجامل أحداً بالحباء ، وهو بين هذا وذاك يتفقد أهل الحاجة ، ويطعم الجائعين بنفسه ، ويتعهد ذوي العوز تعهداً حثيثاً ، وقد صدّق بهذا عمله قوله :