(١١)
النبيّ يمهّد للإمام : ويلتحق بالرفيق الأعلى
تتابعت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد عودته من حجة الوداع موجاتٌ من الألم والصداع ، يصحب ذلك شيء من الحمى ، فيستولي عليه الضعف والانهيار الجسدي ، وكان لبقايا السمّ المبيت له أثر من ذلك أيمّا أثر؛ وفجأة يجد نفسه قد ثقل بالمرض ، وانتابته العلل خفيفها وثقيلها حتى أيقن بالنهاية ودنو الأجل ، وكان الوحي به رفيقاً يخيّره عن الله بين البقاء في الحياة أو الالتحاق بالرفيق الأعلى ، فيختار الثانية زهداً بالحياة الفانية وقد استجيب له في ذلك
( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ) (١)
فقام في أمته يذكرهم الوحدة ، ويحذرهم الفتنة والخلاف ، ويدعوهم إلى التمسك بالكتاب والعترة ، وهو فيما بين ذلك يؤكد لهم منزلة علي العليا ، ولم ينس أن يمهد له الأمور فيما يبدو من مجريات الأحداث ، فعقد لأسامة بن زيد بن زيد بن حارثة الأمرة على المسلمين ، وندبه للخروج نحو تخوم البلقاء من أرض فلسطين ، حيث استشهد أبوه في مؤتة ، وقال له : « أغزو باسم الله في سبيل الله ، فقاتل من كفر بالله ». فتهيأ لذلك أسامة وعسكر بالجرف ، وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زعماء المهاجرين والأنصار بالالتحاق به ، وفيهم الشيخان وأبو عبيدة وسعد بن عبادة
__________________
(١) سورة الزمر ، الآية : ٣٠