(٦)
عليٌّ في البصرة بسيرة رسول الله
ودخل عليٌّ عليهالسلام البصرة بعد المعركة بثلاثة أيام ، دخولَ الخاشعين لا دخول الفاتحين ، فأمّن أهلها ، وأغضى عن مسيئها ، وتجاوز عن بقايا المتمردين ، وأعرض عنهم صفحاً ، وكان يقول :
« سرت في أهل البصرة سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أهل مكة ».
ونظر أصحابه في هذه السيرة العجيبة ، وبهتوا لهذا الرفق الهائل ، وغاض بعضهم إعراضه عن الغنائم ، وإبقاؤه على الحرمات ، فلج بهم الأمر أن قالوا للإمام : اقسم بيننا أهل البصرة نتخذهم رقيقاً » فأبى عليهم الإمام ذلك ، وردّ ما ارتأوه بقوله : « لا فالقوم أمثالكم ». فاعترضوا : « كيف تُحل لنا دماءَهم وتُحرّم علينا سبيهم؟ ». فأجاب مطمئناً : كيف تحل لكم ذرية ضعيفة فى دار هجرة واسلام« وأبان لهم الحكم الشرعي المجهول في قتال أهل القبلة وحرب المسلم مع المسلم فقال : « أما ما أجلب به القوم عليكم في معسكركم فهو لكم مغنم. وأما ما وارت الدور وأغلقت عليه الأبواب ، فهو لأهله. وما كان لهم من مال في أهليهم فهو ميراث على فرائض الله ، لا نصيب لكم في شيء منه ».
وأثار هذا الحكم غضب جماعة من أنصاره ومقاتليه ، وأرادوا الاستيلاء على المخلفات ، وأسر المقاتلين ، فاستعمل الإمام عليهالسلام الاستدراج ، فقال لهم : « اقترعوا ... هاتوا سهامكم ». وسألهم بلباقة