وعبقرية : « فأيكم يأخذ أمّه في سهمه؟ اقرعوا على عائشة لأدفعها إلى من تصيبه القرعة ».
فثاب الناس إلى صوابهم ، وقالوا : نستغفر الله يا أمير المؤمنين.
وبهذا النمط من الإقناع والمناظرة وسعة الصدر استطاع الإمام أن يحفظ التوازن لدى أصحابه بعد ظفرهم ، وأن يجنب أعداءه الاضطهاد وحملات الانتقام.
وجاء عليٌّ عليهالسلام إلى المسجد وجلس فيه للناس ، فبايعوه على كتاب الله وسنة نبيه ، ونظر في بيت المال فقسمه على المسلمين. وأمن الجميع لعدله ونبله وعظيم سيرته ، واطمأن حتى خصومه لهذا المنهج الجديد الذي لم يكونوا ليحلموا به.
وقد كان من همّ أمير المؤمنين ورعاية عائشة أم المؤمنين حتى في هذا الموقف ، فركب لزيارتها في كوكبة من أصحابه ، وأنه لفي المدخل من دار عبد الله بن خلف وإذا بصاحبة الدار صفية بنت الحارث بن أبي طلحة العبدري تجبهه بقولها : يا علي يا قاتل الأحبة ، ويا مفرق الجماعة ، أيتم الله بنيك منك كما أيتمت بني عبد الله ( تعني زوجها عبد الله بن خلف ) فلم يجبها عليٌّ بشيء حتى دخل على عائشة ، فلما إستقر به المكان ، قال : جبهتنا صفية.
ودارت بين الإمام وعائشة بضع كلمات ، فلما انصرف الإمام تلقته صفية فأعادت عليه مقالتها الأولى ، فأراد الإمام إفحامها ، فقال : ـ وهو يشير إلى أبواب الحجر المغلقة في الدار ـ لقد هممت أن أفتح هذا الباب وأقتل من وراءه ، وأن أفتح هذا الباب وأقتل من وراءه ، فلما سمعت صفية منه ذلك صعقت وأفسحت له في الطريق ، وكان في تلك