الحجرات الجرحى من أصحاب عائشة ، وفيهم مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وآخرون ، جمعتهم عائشة في الدار ، وأمرت بتمريضهم وعلاجهم ، وكان علي يعلم مكانهم ويعرض عنهم.
وأراد عليّ عليهالسلام إرجاع عائشة إلى دارها معزّزة مكرّمة ، فأرسل إليها عبد الله بن عباس وقال له : أئتِ هذه المرأة لترجع لبيتها الذي أمرها الله أن تقرّ فيه ، فجاءها ابن عباس واستأذن عليها فأبت أن تأذن له ، ودخل عليها بلا إذن ، فهو مأمور من قبل الإمام ، ولا بد من تنفيذ أمره وجوباً دون تردد ، ومدّ يده إلى وسادة وجلس عليها ؛ فقالت له عائشة : لقد أخطأت السنة مرتين ، دخلت بيتي بدون إذني ، وجلست على متاعي بدون أمري ، فقال لها : نحن علمنّاك السنة يا عائشة ، والله ما هو بيتك الذي أمرك الله أن تقري فيه.
ثم قال : إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترحلي إلى بلدك الذي خرجت منه ، فقالت بكراهية واستفزاز : رحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب ؛ فقال ابن عباس : نعم وهذا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب أيضاً ؛ قالت : أبيتُ أبيتُ.
قال : ما كان إباؤك إلا فواق ناقة بكية ثم صرتِ لا تحلّين ولا تمّرين ، ولا تأمرين ولا تنهين ، قال ابن عباس : فبكت حتى علا نحيبها ، ثم قالت : أرجع ، فإن أبغض البلدان إلى بلدٌ أنتم فيه ، فقال لها ابن عباس : والله ما كان ذلك جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أماً ، وجعلنا أباك لهم صديقاً ، فقالت : أتمنّ علي يا ابن عباس برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لها : نعم ، نمن عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننت به علينا. وانتهى الحديث.
ولما رجع ابن عباس إلى أمير المؤمنين وأخبره بما كان من أمر