عائشة وأمره ، تلا أمير المؤمنين قوله تعالى : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) (١).
ثم أمر أمير المؤمنين بتجهيز عائشة جهازاً حسناً ، وبعث معها رجالاً ونساءً ، وتوجه بها الركب نحو المدينة بعدَّة واعزاز ووصلت المدينة فلما استقربها المقام ، جاء الناس للسلام عليها ، فكانت تصل الدموع بالدموع ، والأسى بالأسى ، وتبكي بكاءً مراً حتى تبل خمارها ، فلا هي التي حققت أهدافها بتنحية علي من الخلافة ، ولا هي التي حفظت رجالها من القتل والخزي ، وكانت تقول :
ليتني مت قبل يوم الجمل بعشرين عاماً.
ولم يُطل الإمام المقام بالبصرة ، ولا استهوته معالمها بعد هزيمتها ، بل إستصلح جملة من أهلها ، وأذاق الناس طعم الرفاهية والعدل ، وآمنهم بعد خوف شديد ، وولى عليها عبد الله بن عباس ، وارتحل إلى الكوفة ، فأمامه شوط بعيد يتدارك به شؤون الدولة ، ويشرف به على أمور الرعية.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ٣٤.