رسول الله تعرضها لما تتعرض له. وقال للزبير : كنا نعدك من آل عبد المطلب حتى نشأ ابنك ابن السوء ، ففرّق بيننا ؛ وقال له : أتذكر قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لك. ستقاتله وأنت ظالم له ، فقال الزبير : الآن ذكرت ذلك ، ولو ذكرته قبل اليوم ما خرجت عليك.
وكان الأمثل بالزبير أن ينحاز إلى علي عليهالسلام بعد هذا التذكير ، ولكنه أخلد إلى نفسه ، واتبع هواه ، وما حكم عقله في هذا الأمر الخطير ، فقيل أنه إعتزل الحرب فوراً حتى انتهى حيث لقي مصرعه على يد ابن جرموز غيلة ، وقرائن الأحوال لا تساعد على صحة هذا القول ، إذ لا يمكن أن يعتزل الزبير القتال وحده لو شاء ذلك ، وهو رأس من رؤوس القوم ، أفلا يتبعه في هذا القرار أحد من المقاتلين الذين يرون فضله ومنزلته.
والذي أميل إليه أن الزبير قد باشر الحرب بنفسه ، وأن عبد الله بن الزبير قد وصمه بالجبن بعد اجتماعه بعلي عليهالسلام ، وقال له : فررت من سيوف بني عبد المطلب ، فإنها طوال حداد ، تحملها فتية أنجاد ، فغيّر قراره هذا التحدي له من ولده ، فأحفظه وأغضبه ، وقال لابنه : ويلك إني حلفت لعلي أن لا أقاتله ، فقال له ابنه : وما أكثر ما يكفّر الناس عن أيمانهم ، فأعتق غلامك ، وأمضِ لجهاد عدوك ، فكفر الزبير عن يمينه وقاتل علياً ، حتى إذا هوى الجمل انهزم الزبير فيمن إنهزم من الناس ، حتى وصل إلى وادي السباع ، فقتله ابن جرموز غيلة.
ولم يكن الزبير ليرتدع في التذكير ، وقد سفك دماء المسلمين في الجمل الأصغر ، ولم يكن ليستجيب للحق ، ومعاوية يخادعه بلقب أمير المؤمنين وأخذ البيعة له من أهل الشام ، ولم يكن الزبير ليترك الجيش ويعتزل ، وهو يعمل بإشارة ابنه عبد الله في الطوارىء كافة ، ولم يكن