سعد ، وإني لا آمن أن يكون له في قريش صولة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : أدرك سعدا فخذ الراية منه ، وكن أنت الذي تدخل بها مكة ، فأدركه عليّ فاخذها منه ، ولم يمتنع سعد من دفعها إليه ، وسار عليّ بالراية حتى دخل مكة رفيقا ، ودخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ناحية كداء ، واصعا رأسه الشريف على الرحل تواضعا لله تعالى ، واتجه نحو الحرم فطاف ولبى وسعى وصلى ، وهو في عدته وأهبته وعزته ، وقريش على رؤوسها الطير ، وقد أقبل فلّها ، وتلائم بين يديه جمعها ، وقد زاغت الأبصار ، وخشعت الأصوات ، وانحنت الرؤوس ، فمنهم العفو والرحمة ، وقال كلمته الشهيرة : « أذهبوا فأنتم الطلقاء » وأقبل الناس يدخلون في دين الله أفواجا ، هنالك من أسلم ، وهناك من استسلم ، وللنبي ظاهر الحال ، ولكنه أهدر دماء أحد عشر نفرا ، سبعة من الرجال ، وأربع من النساء ، وكان بلاء علي عظيما ، في طلب هؤلاء ، ففروا منه هنا وهناك ، حتى التجأ من التجأ الى بيت أخته أم هاني بنت أبي طالب ، فأجارت من أجارت ، أو استجار بها من استجار ، وفجأها علي عليهالسلام ، فحالت بينه وبينهم ، ودافعها ، فقالت أنت أخي وتصنع معي ذلك ، إن أردت قتلهم فأقتلني معهم ، وسأشكوك الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وذهبت الى رسول الله فرحّب بها وأجلسها الى جنبه. فقالت يا رسول الله : ماذا لقيت من علي ، فقد أجرت حموين لي من المشركين ، فتفلّت عليهما ليقتلهما ، فقال ما كان ذلك له ، قد أجرنا من أجرت ، وآمنا من آمنت. وشكر لعلي سعيه ، وشفّع أخته.
وطاف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالبيت ، وعلي معه ، وأومأ بمخصرته الى الأصنام فتهاوت ، وإلى الأوثان فتحطمت ، وبقي صنم لخزاعة من قوارير ، فقال لعلي أرم بها ، ورفعه إليه حتى صعد سطح الكعبة ، فرمى به من عليها ، فتكسر قطعا وتطاير شظايا ، وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا.