غلوائهم جزءاً فجزءاً حتى أعادهم من سواء الناس ، ويهدم بناءهم لبنة فلبنة حتى ساوى به الأرض ، وكان ذلك على مراحل دقيقة الحساب.
في المرحلة الأولى أبان اسبقية المهاجرين فقال :
« ايها الناس؛ لقد خصّ الله المهاجرين الأولين من قوم رسول الله بتصديقه ، والايمان به ، والصبر معه على شدة أذى قومهم وتكذيبهم ، وكل الناس لهم مخالف ، وعليهم زار ، ولكنهم لم يستو حشوا لقلّه ، وكانوا اول من عبدالله في الارض ، وآمن بالرسول ، هم أولياؤه وعشيرته ، وهم أحق الناس بالامر بعده«
وقاطعه خطيب الأنصار « أما بعد : فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ،وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا »
فبادره ابو بكر هينّاً لينّاً في مرحلة ثانية « أنتم من لا ينكر فضلهم في الدين ، ولا سابقتهم في الإسلام ، رضيكم الله أنصاراً لدينه ورسوله ، وجعل إليكم هجرته ، وفيكم جلّة أزواجه وأصحابه ، فليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم ، لاتفتاتون بمشورة ، ولاتقضى دونكم الأمور »
اثنى على الانصار إذن ، وأخرّهم عن المهاجرين ، وجعلهم بمثابة المستشارين ، وبمنزلة الثانويين من الأمر ، ولكن سعداً ردّ عليه :
» يامعشر الانصار ، لما أراد لكم ربكم الفضلية ساق إليك الكرامة ، وخصّكم بالنعمة ، فرزقكم إلايمان به وبرسوله ، والمنع له ولأصحابه ، والإعزاز له ولدينه ...... يامعشر الأنصار ، فأستبدوا بهذا الامر دون الناس ، فإنه لكم دون الناس ».