معشر الأنصار ، أما والله لكأني بأبنائكم على باب أبنائهم يسألونهم بأكفهم ، ولا يسقون الماء.
وكان الأمر كما قال ، فقد حرم الأنصار حرماناً عجيباً ، فلم يكونوا وزراء كما وعدوا ، ولا مستشارين كما أملّوا ، بل انخرطوا في سواد العرب ، وأسدل الستار على جهادهم وجهودهم.
وامتنع سعد عن البيعة في فريق من قومه ، وطولب بها فقال :
« لا ولله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي ، وأخضب منكم سنان رمحي ، وأضربكم بسيفي ما ملكته يدي ، وأقاتلكم بمن معي من أهلي وعشيرتي ».
فألح عمر على بيعته ، ونصحه بشير بن سعد : أنه قد أبى ولج ، وليس يبايعك حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل ولده وعشيرته، والأوس والخزرج ، فلا تفسدوا على أنفسكم الأمر ، إنما هو رجل واحد ، فتركه عمر الى حين.