قول الله عزوجل «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا» قال كان أبي يقول من الإسراف في الحصاد والجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا ، وكان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به أعط بيد واحدة القبضة بعد القبضة والضغث بعد الضغث من السنبل».
ومن ما يدخل في سلك هذا النظام ما رواه في الكافي عن يونس أو غيره عن من ذكره عن أبي عبد الله عليهالسلام (١) قال : «قلت جعلت فداك بلغني أنك كنت تفعل في غلة عين زياد شيئا وأنا أحب أن أسمعه منك قال فقال لي نعم كنت آمر إذا أدركت الثمرة أن يثلم في حيطانها الثلم ليدخل الناس ويأكلوا ، وكنت آمر في كل يوم أن يوضع عشر بنيات يقعد على كل بنية عشرة كلما أكل عشرة جاء عشرة أخرى يلقى لكل نفس منهم مد من رطب ، وكنت آمر لجيران الضيعة كلهم الشيخ والعجوز والمريض والصبي والمرأة ومن لا يقدر أن يجيء فيأكل منها لكل إنسان منهم مدا فإذا كان الجذاذ أوفيت القوام والوكلاء والرجال أجرتهم وأحمل الباقي إلى المدينة ففرقت في أهل البيوتات والمستحقين الراحلتين والثلاثة والأقل والأكثر على قدر استحقاقهم ، وحصل لي بعد ذلك أربعمائة دينار وكان غلتها أربعة آلاف دينار».
الفصل السابع ـ الظاهر أنه لا يجب في المال حق زيادة على الزكاة والخمس اتفاقا وما تقدم من حق الحصاد على القول به. إلا أن الصدوق قال في الفقيه قال الله تعالى «وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (٢) فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه أنه في ماله ونفسه ويجب أن يفرضه على قدر طاقته ووسعه. وربما ظهر من هذه العبارة الوجوب.
ويؤيده ما رواه في الكافي في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليهالسلام (٣) قال : «إن الله عزوجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون
__________________
(١) الوسائل الباب ١٨ من زكاة الغلات.
(٢) سورة المعارج الآية ٢٤ و ٢٥.
(٣) الوسائل الباب ٤ و ٧ من ما تجب فيه الزكاة.