الآية والروايات هو العموم والاستمرار في جميع الأوقات ولا سيما رواية حماد المذكورة كما سمعت ، ومقتضى أخبار التحليل هو الاختصاص بزمان وجودهم (عليهمالسلام) لمصالح قد احتملنا بعضها في ما تقدم ، وما ربما يوهم الاستمرار في بعض قد بينا وجهه آنفا ، فالاختصاص إنما هو في جانب التحليل لا في جانب استحقاق الأصناف.
وتاسعا ـ أن قوله ـ سلمنا لكن لا بد من التخصيص فيها وصرفها عن ظاهرها جمعا بين الأدلة ـ مردود أولا ـ بما عرفت آنفا من صراحتها وعدم قبولها لما أراده.
وثانيا ـ أن هذه الأخبار قد ترجحت بموافقة القرآن كما عرفت فيصير العمل عليها ويجب تأويل ما خالفها أو طرحه بمقتضى القواعد المنصوصة (١) وقد ترجحت أيضا بذهاب المعظم من أجلاء الأصحاب متقدميهم ومتأخريهم إلى القول بمضمونها.
وثالثا ـ أن المخالفة ليست منحصرة فيها حتى أنه بتأويلها يسقط البحث ويتم ما ذكره بل أكثر أخبار القسم الأول والثاني كلها مخالفة لما ذكره وعاضدة لهذه الأخبار.
وبذلك يظهر لك أن ما ذهبوا إليه من هذا القول من ما لا يعول عليه وأنه ناشئ عن عدم إعطاء التأمل حقه في الأدلة الواردة في المسألة.
وأما القول الثالث وهو القول بدفنه فهو مع كونه مجهول القائل مجهول الدليل ولو ثبت هذا الخبر الذي ذكروه لوجب طرحه في مقابلة ما ذكرناه من الأدلة وهي أكثر عددا وأصح سندا وأظهر دلالة.
وأما الرابع ـ وهو دفع النصف إلى الأصناف والنصف الآخر يودع من ثقة إلى ثقة أو يدفن ـ فهو جيد بالنسبة إلى حصة الأصناف لما عرفت آنفا ، وأما بالنسبة إلى حقه عليهالسلام فجوابه قد علم من ما ذكرنا في جواب القول الأول والقول الثالث.
وأما الخامس ـ وهو بعينه القول الرابع إلا أنه يعين الإيداع دون الدفن ـ فجوابه معلوم من ما سبق.
__________________
(١) الوسائل الباب ٩ من صفات القاضي وما يجوز إن يقضي به.