وظاهر السيد السند في المدارك اختيار القول الأول حيث قال بعد البحث في المسألة ونقل الأقوال والأدلة على كل منها : وكيف كان فينبغي القطع بسقوط الضمان مع الاجتهاد لتحقق الامتثال وفحوى الروايتين ، وإنما يحصل التردد مع استناد الدفع إلى مجرد الدعوى من كون الدفع مشروعا فلا يستعقب الإعادة ومن عدم وصول الحق إلى مستحقه. ولعل الأول أرجح. انتهى.
وأنت خبير بأن كلامه هذا مبني على طرح صحيحة الحسين بن عثمان من البين مع أنه بعد نقلها دليلا للقول الثاني لم يتعرض للطعن فيها بوجه إلا أن المعلوم من قاعدته ذلك فهي من حيث الإرسال ضعيفة باصطلاحه ، والأظهر عندي هو الوقوف على ظاهرها والعمل بها ، ويؤيده أنه الأوفق بالاحتياط والخروج عن عهدة التكليف الثابت في الذمة بيقين. والله العالم.
الخامس ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) من غير خلاف يعرف بأنه لو كان الفقير ممن يستحي من قبول الزكاة جاز دفعه إليه على وجه الصلة.
ويدل عليه حسنة أبي بصير المروية في الفقيه (١) قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام الرجل من أصحابنا يستحي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا أسمي له أنها من الزكاة؟ فقال أعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن».
وطعن في هذه الرواية في المدارك بأنها ضعيفة السند باشتراك الراوي بين الثقة والضعيف. وفيه أن الراوي عن أبي بصير هنا عاصم بن حميد وقد ذكر أصحاب هذا الاصطلاح أنه قرينة المرادي الثقة الجليل القدر وكذلك ابن مسكان فحيث ما وجد أحدهما حكموا بصحة روايته ، وحسن هذه الرواية كما ذكرنا إنما هو بإبراهيم بن هاشم الذي حديثه في الصحيح عند جملة من محققي هذا الفن.
ويؤيد الرواية المذكورة أيضا ما رواه الشيخ الطوسي في المجالس بسنده عن إسحاق بن عمار (٢) قال : «قال لي أبو عبد الله عليهالسلام يا إسحاق كيف تصنع بزكاة مالك إذا
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٥٨ من المستحقين للزكاة.