أقول : لا يخفى أن هاهنا ثلاث صور : إحداها ـ أن يكون فقيرا لا مال له بالكلية أو له مال لا يتمكن منه كابن السبيل والضيف ، وهذا من ما لا إشكال في جواز الدفع إليه من هذا السهم.
الثانية ـ أن يكون غنيا متمكنا من كل ما يريد من أبواب القربات والطاعات وهذا محل الإشكال في جواز الدفع إليه من هذا السهم ، وهو الذي منع من الدفع إليه شيخنا الشهيد في المسالك ، وهو أحد وجهي الإشكال في كلام العلامة.
الثالث ـ من كان مالكا مئونة سنة بالفعل أو القوة لكنه لا يتمكن بذلك من الحج ونحوه ، وظاهر عبارة شيخنا الشهيد الثاني المنع أيضا من الدفع إليه لصدق الغني ، وكذا ظاهر كلام العلامة باعتبار الإشكال فيه ، وظاهر كلام السيد السند جواز الدفع إليه لأن ظاهر عبارته أنه يدفع هذا السهم إلى كل من لا يتمكن من تلك القربة إلا بالإعانة من ذلك السهم أعمّ من أن يكون فقيرا لا مال له أو له مال لكن لا يقوم بالتمكن منه.
وكيف كان فينبغي أن يعلم أن الحاجة إلى الحج لا تنافي الغنى الذي هو عبارة عن ملك مئونة السنة أو الحرفة أو الصنعة الموجبة للغنى ولكن لا يتمكن من الحج منها ، وفيه جمع بين إطلاق الأدلة وبين ما ذكروه من أن الزكاة إنما شرعت لدفع الحاجة وسد الخلة. والله العالم
الثامن من الأصناف المذكورة ـ ابن السبيل ، وفي عبائر جمع من الأصحاب تفسيره بالمنقطع به والضيف ، وفي بعض بالأول ونسبة الثاني إلى الرواية.
قال شيخنا المفيد (عطر الله مرقده) في المقنعة : وابن السبيل وهم المنقطع بهم في الأسفار وقد جاءت رواية (١) أنهم الأضياف يراد به من أضيف لحاجته إلى ذلك وإن كان له في موضع آخر غنى ويسار ، وذلك راجع إلى ما قدمناه. انتهى وظاهر كلامه بل صريحه التخصيص بالمعنى الأول حيث تأول الرواية بالإرجاع إليه
__________________
(١) المقنعة ص ٢٩ وفي الوسائل الباب ١ من المستحقين للزكاة.