في دعوى الفقر وإلا لما ثبت الاستحباب بمجرد ذلك.
وبما ذكرناه من هذا التحقيق الرشيق يظهر لك ما في كلام الفاضل الخراساني (قدسسره) من التشكيك في المقام كما هي عادته في جل الأحكام حيث قال ـ بعد البحث مع الأصحاب ومناقشتهم في هذا الباب ـ ما لفظه : وبالجملة جواز إعطاء الفقير بدون البينة أو الحلف محل إشكال ينشأ من عدم دليل دال عليه فلا يحصل اليقين بالبراءة ، ومن أنه لم يعهد عنهم (صلوات الله عليهم) شيء من ذلك والظاهر أنه لو كان لنقل. إلى أن قال : والتحقيق أن تحصيل العلم بالفقر غير معتبر وإلا لزم حرمان أكثر الفقراء وانتفاء ذلك معلوم من حال الأئمّة (صلى الله عليهم أجمعين) وكذا السلف. وهل يكفي الظن الحاصل من الأمارات أو من دعواه مطلقا أو إذا كان أمينا مطلقا أو عند تعذر البينة أم لا بل يحتاج إلى البينة مطلقا أو في بعض صور المسألة أو يحتاج إلى الحلف كذلك؟ لي فيه توقف إلى أن يفتح الله علي طريق معرفته. انتهى. ولا أراك ترتاب بعد ما حققناه في المقام في ضعف هذا الكلام وأنه من جملة الأوهام. والله العالم بحقائق الأحكام.
الرابع ـ الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في أنه متى دفع الزكاة إلى الفقير ثم ظهر عدم فقره فإنه يجب استرجاعها مع الإمكان لظهور أن القابض لها عاص غاصب فيجب عليه إرجاعها إلى المالك.
بقي الكلام هنا في موضعين أحدهما ـ ما لو لم يعلم الآخذ بأنها زكاة ، وقد قطع في المعتبر بعدم جواز الارتجاع لأن الظاهر أنها صدقة. واختلف كلام العلامة في ذلك فقال في المنتهى : ليس للمالك الرجوع لأن دفعه محتمل للوجوب وللتطوع. واستقرب في التذكرة جواز الارتجاع لفساد الدفع ولأنه أبصر بنيته. وقال في المدارك بعد نقل كلام التذكرة : وهو جيد مع بقاء العين وانتفاء القرائن الدالة على كون المدفوع صدقة.
أقول : وكلماتهم (رضوان الله عليهم) هنا لا تخلو عن إجمال والتحقيق أن يقال