حضرت؟ قال يأتوني إلى المنزل فأعطيهم. فقال لي ما أراك يا إسحاق إلا قد أذللت المؤمنين فإياك إياك إن الله تعالى يقول : من أذل وليا لي فقد أرصد لي بالمحاربة». وفي هذا الخبر ما يدل على استحباب قصد المالك بالزكاة إلى الفقراء وابتدائهم وكراهة تكليفهم بالإتيان إليه.
وأما ما رواه الكليني في الصحيح أو الحسن بإبراهيم بن هاشم على المشهور عن محمد بن مسلم (١) ـ قال : «قلت لأبي جعفر عليهالسلام الرجل يكون محتاجا فنبعث إليه بالصدقة فلا يقبلها على وجه الصدقة يأخذه من ذلك ذمام واستحياء وانقباض أفنعطيها إياه على غير ذلك الوجه وهي منا صدقة؟ فقال لا إذا كانت زكاة فله أن يقبلها فإن لم يقبلها على وجه الزكاة فلا تعطها إياه ولا ينبغي له أن يستحي من ما فرض الله إنما هي فريضة الله فلا يستحي منها» ـ.
فهو غير معمول به على ظاهره ولا قائل به بل الأخبار وكلام الأصحاب على خلافه فلا يلتفت إليه في مقابلة ما ذكرناه ، فما ذكره في المدارك ـ من المعارضة به لحسنة أبي بصير بعد طعنه فيها بما قدمنا نقله باعتبار حسن هذه وضعف تلك بزعمه ـ ليس من ما يعول عليه لأنها وإن صح سندها فضلا عن أن يكون حسنا مع كون مضمونها مخالفا للأخبار وكلام الأصحاب بل اتفاقهم فإن هذه الصحة مجازية كما نبهنا عليه في غير موضع من ما سبق ، والصحة في التحقيق إنما هي باعتبار المتون ومطابقتها للقواعد الشرعية والأخبار المروية واتفاق الأصحاب ونحو ذلك كما عليه جملة من متقدمي أصحابنا (رضوان الله عليهم).
وكيف كان فلا بد من ارتكاب جادة التأويل في الخبر المذكور ، والأظهر عندي في تأويله هو حمل قوله عليهالسلام في الجواب «لا» على الإضراب عن الكلام السابق لا على نفي إعطائها إياه على غير ذلك الوجه كما وقع في سؤال السائل ويكون ما بعد «لا» بيان ما هو الأولى في هذا المقام ، فبين أنها إذا كانت زكاة فله أن
__________________
(١) الوسائل الباب ٥٨ و ٥٧ من المستحقين للزكاة.