وبما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عندي والحسن على المشهور بإبراهيم ابن هاشم عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام (١) قال : «قلت له رجل عارف أدى زكاته إلى غير أهلها زمانا هل عليه أن يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم؟ قال نعم. قال قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فعلم بعد ذلك؟ قال يؤديها إلى أهلها لما مضى. قال قلت له فإنه لم يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد ذلك سوء ما صنع؟ قال ليس عليه أن يؤديها مرة أخرى». وقالا في الكافي والتهذيب بعد نقل هذه الرواية : وعن زرارة مثله (٢) غير أنه قال : «إن اجتهد فقد برئ وإن قصر في الاجتهاد في الطلب فلا».
وأورد على الأول أنه إن أريد بالاجتهاد القدر المسوغ لجواز الدفع ولو بسؤال الفقير فلا ريب في اعتباره إلا أن ذلك لا يسمى اجتهادا ، ومع ذلك فيرجع هذا التفصيل بهذا الاعتبار إلى ما أطلقه الشيخ في المبسوط من انتفاء الضمان مطلقا ، وإن أريد به البحث عن حال المستحق زيادة على ذلك كما هو المتبادر من لفظ الاجتهاد فهو غير واجب إجماعا على ما نقله جماعة. وعلى الروايتين أن موردهما خلاف محل النزاع لكنهما يدلان بالفحوى على انتفاء الضمان بالاجتهاد.
أقول : والتحقيق في المقام أنه ليس في المسألة إلا رواية الحسين بن عثمان المتقدمة والوقوف على ظاهرها متعين. وأما حمل من قال بالتفصيل لها على عدم الاجتهاد جمعا بينها وبين صحيحة عبيد بن زرارة فهو فرع ثبوت دلالة الصحيحة المذكورة على ما ادعوه وموردها من أولها إلى آخرها إنما هو الدفع إلى المخالف وهو المعبر عنه بغير أهلها ، مع ما في محل الاستدلال من الإشكال أيضا فإن ظاهرها أنه يجزئ الدفع إلى المخالف متى اجتهد في تحصيل أهلها من الشيعة فلم يجدهم والأصحاب لا يقولون به ، والأخبار أيضا ترده كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى حتى ورد في بعض الأخبار إلقاؤها في البحر مع تعذر وجود أهلها من الشيعة الإمامية (٣)
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٢ من المستحقين للزكاة.
(٣) الوسائل الباب ٥ من المستحقين للزكاة.