قاصرا دون تعمد ولا بطّال أو متبتل في شرعة الله (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) حيث إن إسلام الوجه لله محسنا هو العروة الوثقى ، مصدرا لكل خيرات الإيمان مهما اختلفت مراتبها بمراتبه حسب مختلف الحالات والاستعدادات : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ...) (٤ : ١٢٥).
فالمسلم الذي يسلم وجهه لله محسنا ، له اجره عند ربه ، والكتابي الذي يسلم وجهه لله محسنا له أجره عند ربه ، ف (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٤ : ١٢٣).
اجل وانها ضابطة ضابطة كلّ التخلفات والطاعات دونما فوضى جزاف ، ضابطة في طرفي السلب والإيجاب : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
هذا الحبيس بخطيئته المحيطة به ، فهو أعزل عن كل وجهة وواجهة ربانية ، إلّا وجهات الهوى الهاوية ، ثم (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) فأخلص ذاته وكل تعلقاته في وجهاته وواجهاته لله (وَهُوَ مُحْسِنٌ) في إسلامه (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ثم بينهما عوان متوسطات ولا يظلمون نقيرا.
هذا ـ ثم نرى بين اليهود والنصارى أنفسهم تناحرا في الكيان وتهافتا في سند الأمان :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ١١٣.