كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٥ : ٦٩).
ولندرس هنا نحن المسلمين ـ وبأحرى من غيرنا ـ ألّا ننجرف في منجرفات الخلافات العارمة بين الفرق الإسلامية ، فكلّ يرمي أصحابه في الشرعة الواحدة أنهم ليسوا على شيء ، ولقد سمعت مغفلا من إخواننا في المدينة المنورة ، يسمى عميد الجامعة الإسلامية فيها يقول : ان الشيعة الرفضة شر من اليهود ، كما سمعت مغفلا آخر منّا في مكان آخر يقول : إن الفلسطينيين شر من اليهود! (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا يَعْقِلُونَ)؟!
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ١١٤.
نرى (مَنْ أَظْلَمُ) ـ الدالة على قمة الظلم ـ هنا وفي ثلاث صيغ اخرى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) (٢ : ١٤٠) ـ (... مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (٦ : ٢١) ـ (... مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها) (٦ : ١٥٧) مما يدل على أن هذه الأربع أظلم الظلم على النفس والحق وعلى الآخرين ، وعلّها خاصة بالمظالم العملية لا والعقائدية.
وليس يختص بالذين منعوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المسجد الحرام ان يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ـ لمكان الجمع ـ مهما كان أصدق مصاديقه ممنوعا وهو الرسول وممنوعا عنه وهو المسجد الحرام ، وممنوعا منه وهو ذكر الله فيه (١).
__________________
(١) وبمناسبة الآيات السابقة المنددة باليهود قد تعم اليهود ، فقد كانوا يمنعون المسلمين عن الصلاة الى ـ