(١١ : ٣٨) وكما الله (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ. اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٢ : ١٥)
فالهزء والسخرية البادئة هما من الجهالة وسوء الصنيعة ، وقد نهي عن الاستهزاء في (٣٣) آية ، وفي عديدة أخرى عن السخرية ، مما يبين لنا مبدئيا أنها من المحرمات الناتجة عن الجهالة القاصدة المقصرة ، واما القاصرة فلا تكليف فيها ولا تنديد.
ففيم تهزء بإنسان؟ أفي نقص من خلقه في مقياسك؟ وليس إلّا من خلق الله ، فلا تهزء ـ إذا ـ إلّا بالله ، وهذه جهالة بالله!.
أم في نقص قاصر من فعل أو ترك؟ فكيف يهزء بقاصر وليس مكلفا في أيّ من الأعراف!.
أم في نقص مقصر؟ إذا فهو مريض بحاجة إلى تمريض ، ولا يزيده هزئك به إلّا مرضا إلى مرض ، وعليك أن تكون له طبيبا إن استطعت ، أم تأتي له بطبيب يداويه ، أم تتركه وحاله ، لا له ولا عليه إن لم تستطع في علاجه.
أم لأنك تظنك على كمال هو فاقده؟ فكذلك الأمر ، وليس ظنك صائبا على أية حال! : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) (٤٩ : ١١) وحتى إذا كانوا خيرا منهم (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)!(١٢)
فلا مجال للسخرية والهزء إلّا بمن يسخر بالحق بدلا عن الانتباه ، هزء عن مصدر العلم والحكمة دون أية جهالة بالله ، أم جهالة بالأعراف الشخصية