ول «من» ـ في (مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ) بالنسبة لخصوص المقام ـ موقعها الدلالي فقهيا لهندسة «مصلى» فلم يقل «في» لأنه لا يكفي مكانا لصلاة ، ولا لمصلّ واحد فضلا عن مئات الآلاف ، ولا (اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) حتى يصبح كالبيت يصلّى حوله من كل الأطراف ، مهما جعل البيت دبرا ، ولا «الى مقام ابراهيم» وكيف يجعل خلف المصلي.
وإنما (مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ) فهي ابتدائية تبين مبتدء لركعتي الطواف أنه حد المقام ـ وطبعا حيث هو الآن وكما كان ـ وليست تبعيضية فان كلّ المقام لا يسع لمصلّ واحد فضلا عن بعضه ولجموع المصلين!.
ذلك بيان ظريف لمبتدء الصلاة الخاصة ـ دون كل صلاة ـ فقد يشمل خلف المقام وجانبيه حياله ، ما صدق انه (مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ) مهما كان خلفا وحيالا بعيدا لإطلاق «من مقام» ثم المنتهى ـ طبعا ـ هو منتهى المسجد الحرام ، وإن كان الأقرب منه فالأقرب أقرب في تطبيق الأمر ، إلّا أن مختلف الظروف والحالات لها مختلف الأبعاد ل (مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ).
ومستفيض النقل عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمة اهل بيته عليهم السلام عنه ، ليس إلّا «عند المقام» و «خلف المقام» (١) وهما بيانان ل (مِنْ مَقامِ
__________________
(١) فمما روي في «خلف المقام» ما في الدر المنثور ١ : ١١٨ ـ اخرج مسلم وابن أبي داود وابو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن جابر ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا حتى إذا فرغ عهد الى مقام ابراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ : واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى وفيه ١٢٠ ـ اخرج الحميدي وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له ذنوبه كلها بالغة ما بلغت وفيه أخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا دخله غمرته ... فإذا فرغ من طوافه فأتى قام ابراهيم فصلى ركعتين دبر المقام خرج من ذنوبه كيوم ـ