وقد تلمح «طهرا ...» بأولى وأحرى إلى طهارة نفوس هؤلاء ، وطهارة ملابسهم وأبدانهم ، وطهارتهم عن الأحداث ، فمثلث الطهارة قد تعنى ضمن المعني من «طهرا»(١).
ولان أظهر مصاديق «بيتي» ـ الموسّع إلى المسجد الحرام ـ هو نفس الكعبة المباركة ، فقد يظهر من الآية جواز الصلاة في جوف البيت ، وأما الطواف فلا يشرع إلّا حول البيت لنص آخر (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) وكيفما توجهت في جوف البيت كنت متجها الى القبلة لأنه كله قبلة من داخله كما هي من خارجه ، اللهم إلّا من يقوم على أشراف سطح البيت فليست صلاته إلى القبلة فلا تصح ، إلا مستقبلا لسائر الأشراف.
وليس يعني (حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) إلّا الخارجين عن البيت والمسجد الحرام ، حيث الشطر هو الجانب ، وهي تعني شطر المسجد الحرام.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)).
هنا (هذا بَلَداً آمِناً) لا تعني انه لم يكن حينذاك بلدا ، حيث المفعول
__________________
ـ المشركين ، وقال : لما بنى ابراهيم البيت وحج الناس شكت الكعبة الى الله تبارك وتعالى ما تلقى من أنفاس المشركين فأوحى الله إليها قرّي كعبتي فاني ابعث في آخر الزمان قوما يتنظفون بقضبان الشجر ويتخللون.
(١) المصدر في كتاب العلل بسند متصل عن عبيد الله بن الحلبي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) أيغتسلن النساء إذا اتين البيت؟ قال : نعم ـ ان الله عز وجل يقول : ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ، فينبغي للعبد ألّا يدخل إلّا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر.