سفاسف القول وسفاهته من المشركين وضعفاء المسلمين كانت أشد خطرا على الدعوة الجديدة الإسلامية في مكة.
فلتكن الآية نازلة قبل أي تحول عن القبلة المرضية ـ وهي الكعبة المباركة ـ و «سيقول ...» توطئة لتحولها الى القدس حيث يتبع قالة سفيهة من مشركين ويهود وضعفاء من المسلمين ، ثم تحول القدس الى الكعبة المباركة حيث يتبع قالة الآخرين وتقطع ألسنة المشركين.
فالتحويل الأول هو المحور لهذه السفاهة الثالوثية ، وعلى ضوءه الثاني قضاء على سفاهة وبقاء الأخرى.
ثم (وَما جَعَلْنَا ...) نازلة بعد التحويل الثاني فان (الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها) التي يعتذر منها هي القدس ، إذ لم يكن اتباع الرسول ـ كابتلاء للمسلمين ـ إلا في التحول عن الكعبة الى القدس ، فان التحول عن القدس الى الكعبة كان مرجوا لهم ينتظرونه ليل نهار كما والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقلب وجهه الى السماء.
ولم تكن الكبيرة الثقيلة عليهم إلا قبلة القدس المتحوّل إليها من الكعبة المباركة ، ثم (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) طمانة لهم بالنسبة لفترة القبلة الثانية ، زعما من بعضهم أن صلاتهم إليها كانت ضائعة.
ف (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) من المسلمين ، تعني ـ بطبيعة الحال ـ القبلة المكية ، وكذلك من غيرهم حيث القبلة المتولى عنها هي قبلة المسلمين ، فهي ـ على أي الحالين ـ ليست القدس ، بل الكعبة المباركة ، مهما شملت «ما ولاهم» التحويل الثاني ضمنيا ، وهو من القدس الى الكعبة. ثم (قُلْ لِلَّهِ