الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) اجابة صارمة عن كافة المشاكل المزعومة حول النسخ والتحويل ، سواء من أهل الكتاب أم سفهاء المسلمين ... أترى بعد (قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) هي القدس؟ وصيغتها الصحيحة ـ ولا سيما من اليهود المتبجحين بقبلتهم وبكلّ ما لديهم ـ : «قبلتنا» توهينا للمسلمين أنهم ما كانت لهم قبلة في بزوغ إسلامهم إلا قبلتنا ، و «قبلتهم» هي الكعبة المباركة التي كانت قبلة لهم في العهد المكي ، ثم حولت عنها بعد الهجرة لمصلحة وقتية مذكورة في آيات تالية ، ثم رجعت الى ما كانت للمصلحة الدائبة الخالدة في استقبال البيت العتيق ، وقد دلت على ذلك أحاديث (١).
أم إنها القدس إذ كانت قبلتهم منذ بزوغ الإسلام وحتى أشهر بعد الهجرة ثم حولت إلى شطر المسجد الحرام كما تدل عليه طائفة أخرى من أحاديث (٢) ، وعلّ التعبير عن القدس هنا ب «قبلتهم» يعني تعميق الشبهة
__________________
(١) كما في الدر المنثور ١ : ١٤٢ عن ابن عباس قال : اوّل ما نسخ في القرآن القبلة وذلك ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما هاجر الى المدينة وكان اكثر أهلها اليهود امره الله ان يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) بضعة عشر شهرا وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يحب قبلة إبراهيم ... وفيه عن البراء بن عازب كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد صلى نحو بيت المقدس سنة عشر او سبعة عشر شهرا ... وعن ابن عباس ان محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب فقال الله : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله وقال : قد نرى تقلب وجهك في السماء ، وعن سعيد بن عبد العزيز ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الاول الى جمادي الآخرة ، وفيه عن انس ان القبلة قد حولت الى الكعبة مرتين. فمالوا كما هم ركوع الى الكعبة.
(٢) كما في الدر المنثور ١ : ١٤٣ ـ أخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب ان الأنصار صلت للقبلة الأولى قبل قدوم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) المدينة بثلاث حجج وان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى للقبلة الاولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا.