في ذلك التحويل ، أنها كانت قبلتهم منذ البداية ، فهي ـ إذا ـ قبلتهم ، مهما كانت كذلك قبلتنا ، فهم لا يعارضوننا ـ فقط ـ في شرعتنا ، بل وفي شرعتهم ، معارضة ذات بعدين بعيدين عن شرعة الحق التي لا تتحول ـ في قياسهم ـ نكرانا للنسخ ـ أيّا كان ـ وهم في الوقت نفسه معترفون بالشرعة الإبراهيمية المنسوخة في البعض من أحكامها بالشرعة التوراتية ، وعارفون التناسخ في التوراة نفسها ، وهم الآن ينددون بكل نسخ وناسخ بعد التوراة!
وعلّ (قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) تشمل القبلتين ، حيث كانت هي الكعبة ثم تحولت الى القدس ، ثم من القدس الى الكعبة ، وكلاهما «قبلتهم» إذ كانتا أمرا من شرعتهم ، ولا صراحة في الآيات لإحداهما بل «سيقول» تعمهما مهما اختلفت قولة عن قولة كما اختلفت قبلة عن قبلة ، ثم الأحاديث القائلة أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) أمر في العهد المكي أن يستقبل القدس من واجهة الكعبة (١) قد تجمع بين القبلتين في العهد المكي ، ولكلّ من القبلتين ملامح
__________________
ـ وفي تفسير البرهان ١ : ١٥٨ ـ ابو علي الطبرسي عن علي بن إبراهيم باسناده عن الصادق (عليه السلام) قال : تحولت القبلة الى الكعبة بعد ما صلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بمكة ثلث عشرة سنة الى بيت المقدس وبعد مهاجرته الى المدينة صلى الى بيت المقدس سبعة أشهر ، قال : ثم وجهه الله الى الكعبة ...
(١) المصدر عن ابن عباس ان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعد ما تحول الى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله الى الكعبة.
وفي تفسير البرهان ١ : ١٥٨ ـ الامام ابو محمد العسكري (عليه السلام) قال : ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إذ كان بمكة أمره ان يتوجه نحو بيت المقدس في صلواتهم ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا أمكن لم وإذا لم يمكن استقبل بيت المقدس فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يفعل ذلك طول مقامه بها ثلث عشر سنة فلما كان بالمدينة وكان متعبدا باستقبال بيت المقدس استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا او ستة عشر شهرا ...
وفي الدر المنثور ١ : ١٧٥ ـ أخرج احمد وابو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم ـ