أعمالهم كشهادة خاصة! أم شاهدة عليهم في حقل الاعتدال ، نبراسا لهم في ترك الانانية والإنية الطائفية ، وتحلّلا في شرعة الله عن الانحيازات غير الشرعية ، اتباعا لأمر الله كيفما كان وإن في ترك المجد القبلي والقبلي ، كما وأن الوسط اليهودي والنصراني لا يمت بصلة لهذه الوسطية الإسلامية لأنهما من أهل الكتب السماوية وهي كلها تحمل الشرعة المعتدلة الوسط ، اللهم إلّا بالنسبة لإفراط اليهود في الاتجاهات المادية ، وتفريط النصارى فيها مبدئيا كنسيّا ـ مهما تورطوا في الماديات وأكثر من اليهود ، ولكن «جعلناكم» يختص الوسط بجعل رباني وليس الإفراط والتفريط يهوديا ونصرانيا من جعل الله! ... أم هم الوسط بين الرسول والناس ، كما ينادي به الانقسامات الثلاث : شهداء على الناس ـ الرسول الشهيد على الشهداء ، وناس ، فطبيعة الحال قاضية هنا باختصاص للشهداء على الناس بهذا الرسول الشهيد عليهم.
فهل هم ـ بعد ـ كل الأمة الإسلامية؟ وفيهم بغاة وفساق طغاة! أم وعدول لا يصلحون للشهادة على الناس! (١) اللهم إلّا شهادة على حق الوسط الاعتدال.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٣٥ عن تفسير العياشي عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال الله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ...) فان ظننت ان الله عنى بهذه الآية جميع اهل القبلة من الموحدين ، أفترى أن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟ كلّا! لم يعن الله مثل هذا من خلقه ، يعني الأمة التي وجبت لها دعوة ابراهيم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وهم الأمة الوسطى وهم خير امة أخرجت للناس.
أقول : فكما الرسول شهيد على الامة الوسط كذلك الامة الوسط شهيدة على الناس ، وقد تعني الشهادة هنا كل مراحلها ولكنها محصورة في الشهادة على ، من شهادة على الأعمال لكي تكون وسطا ، وشهادة عليها إلقاء لها يوم يقوم الاشهاد فلا بد أولا من تلقّيها.