إن نفس الشهادة على الناس كوسط بين الرسول والناس ، يحد موقف الأمة الوسط ، فهنالك شهادة متعدية بنفسها : شهده ، وهنا «شهد على» ام شهادة له لصالحه كدعاية ذاتية ، أم تمثيلا للكيان الرسولي؟ وهنا «شهد على».
ف «شهده» تتطلب حضورا عند العمل أيا كان ، حضورا ذاتيا أم علميا ، ولا يتيسّر إلّا للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) والمعصومين من عترته! (عليهم السلام).
و «شهد له» محصورة في بعديها بالعدول الصالحين من الأمة المسلمة.
ثم و «شهد عليه» هنا في الدعاوي ، تتطلب العدالة ، وليست الأمة ـ ككل ـ عادلة ، ولا أن الآية تختص الشهادة بالدعاوي.
و «شهد عليه» هنا في الأعمال ، تختص بالصالحين الداعين إلى الخير الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر ، دون كل الأمة ولا كل العدول ، وتلك الدعوة ـ على شروطها ـ لا تختص بالأمة الإسلامية. و «شهد عليه» ـ إلقاء للشهادة على الأعمال يوم يقوم الأشهاد ـ يتطلب تلقيا لها هنا حضورا ذاتيا أو علميا بما يعلّمهم الله ، وذلك مخصوص بالمعصومين! ثم ولا تختص تلك الشهادة بخصوص المعصومين من هذه الأمة!.
وعلى كلّ فلا تعني الآية كلّ الأمة الإسلامية دون ريب ، فقد تعني عدول الأمة حيث يمثّلون الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) على قدر عدلهم بين الناس : مسلمين وسواهم ، ثم وبأحرى العدول الدعاة من الأمة ، الآمرة الناهية : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٥٧ : ١٩) (١) ، فهي مهما عمت كل المؤمنين ، إلّا أن مؤمني هذه الأمة أعلى محتدا ممن سواهم.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ١٣٣ عن الكافي باسناده الى أبي جعفر الباقر (عليهما السلام) حديث طويل ـ