ثم في القمة ، الائمة الاثنى عشر المعصومون (عليهم السلام) ، فإنهم القمة العليا بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) من الشهداء بكل معاني الشهادة ومغازيها ومراميها ولا سيما الشهادة على الأعمال والأحوال ، فالوسط في الأمة هي العدل على مراتبه ومراتبهم (١) فلأن العدل في هذه الأمة أعدل منه في غيرها وأفضل ، فكأن العدول منهم هم الشهداء ـ فحسب ـ على الناس ، سواء ناس المسلمين او الكتابيين او المشركين والملحدين ، إلّا أن لكل شهادة أهلها الخصوص دونما فوضى جزاف.
فمؤمنو هذه الأمة شهداء على الناس شهادة ذاتية بأعمالهم وأحوالهم ، وشهادة على كيان هذه الرسالة السامية ، شهودا منه (صلّى الله عليه وآله وسلم) على محتده الرسالي.
والدعاة الى الله منهم شهداء على الناس رقابة على أعمالهم وأحوالهم ، ودعوة لترقيتهم عن نقائصهم ممثلين للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) في كل دعواتهم الصالحة.
والائمة المعصومون منهم ـ إضافة الى هذه وتلك ـ هم شهداء على أعمالهم
__________________
ـ وفيه يقول : ولقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) علينا ولنشهد على شيعتنا وليشهد شيعتنا على الناس.
(١) الدر المنثور ١ : ١٤٤ ـ اخرج جماعات عدة عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وجماعة آخرين عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ان «وسطا» في الآية تعني «عدلا» والعدل درجات كما بيناه في درجات الشهادات.
وفي نور الثقلين ١ : ١٣٥ عن كتاب المناقب وفي رواية حمران بن أعين عنه (عليه السلام) انما انزل الله (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) يعني : عدولا ـ لتكونوا ... ولا يكون شهداء على الناس إلّا الأئمة والرسل (عليهم السلام) ، فاما الأمة فانه غير جائز ان يستشهدها الله وفيهم من لا تجوز شهادته في الدنيا على حزمة بقل.