القبلة ... (قَدْ نَرى ... فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها) هي الكعبة المباركة التي أنا أرضاها ، بعد الفترة الابتلائية المدنية لقبلة القدس (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
كل ذلك يشي بتلك الرغبة القوية الرقيبة الظروف المؤاتية لتحول القبلة بعد ما كثر حجاج اليهود ولجاجهم ، إذ وجدوا في اتجاه المسلمين الى قبلتهم في تلك الفترة الخطيرة ، وسيلة للتمويه والتضليل والبلبلة والتجديل ، فأخيرا ـ ولما أحسن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) بخاتمة البلية ، أصبح يقلب وجهه في السماء ، دون أن يصرح بدعاء (١) حرمة لأمر ربه على إمره ، وتحرجا من اقتراح مبكّر ليس في وقته ، فأجابه ربه فور تقلب وجهه (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها ...) (٢) ولقد أمر بتلك التولية وهو يصلي في المسجد المسمى لذلك ب «القبلتين» (٣).
__________________
(١)نور الثقلين ١ : ١١٤ في تهذيب الأحكام الطاطري عن محمد بن أبي حمزة عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن قوله عز وجل (وَما جَعَلْنَا ...) أمره به؟ قال : نعم ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) كان يقلب وجهه الى السماء فعلم الله عز وجلّ ما في نفسه فقال : (قَدْ نَرى ...).
(٢) فالروايات القائلة انه دعى مقترحا بوسيط ملك الوحي ترجع الى رواتها ، كما يروى عن الامام العسكري (عليه السلام) ... وجعل قوم من مردة اليهود يقولون : والله ما ندري محمد كيف يصلي حتى صار يتوجه الى قبلتنا ويأخذ في صلوته بهدينا ونسكنا واشتد ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما اتصل به عنهم وكره قبلتهم وأحب الكعبة فجاء جبرئيل فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يا جبرئيل لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس الى الكعبة فقد تأذيت بما يتصل بي من قبل اليهود من قبلهم ، فقال جبرئيل (عليه السلام) فاسأل ربك ان يحولك إليها فانه لا يردك عن طلبتك ولا يخيبك من بغيتك ، فلما استتم دعائه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال اقرء يا محمد (قَدْ نَرى ...).
وفي المجمع عن القمي عن الصادق (عليه السلام) : ... ثم وجهه الله الى مكة وذلك ان اليهود ـ