(فَوَلِّ وَجْهَكَ) عن القبلة المؤقتة الابتلائية (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) كأمر يختصه تشريفا لسماحته وتعظيما لساحته ، ثم أمر يعم المسلمين كافة : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) فما هو الشطر القبلة هنا ، وهل هو قبلة ـ فقط ـ للنائين ، أم وللقريبين إلى المسجد الحرام ، أم والكائنين فيه أمام الكعبة المباركة؟.
الشطر ـ لغويا ـ هو نصف الشيء ووسطه ، وهو نحو الشيء (١) وجهته ، وهو بعده ، ويجمعهما جانب الشيء إما بجنبه داخليا وهو نصفه ، أم خارجيا وهو نحوه بعيدا عنه. فهل هو بعد : البعض؟ ولم تأت في اللغة كبعض! والمعنى ـ إذا ـ بعض المسجد الحرام ، فتراه أيّ بعض هو؟ أهو أي بعض منه؟ وتعبيره الصحيح (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) دون شطره ، أم شطرا من المسجد الحرام ، فان (شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) يعني شطرا خاصا منه! ، ثم
__________________
ـ كانوا يعيّرون على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يقولون : أنت تابع لنا تصلي الى قبلتنا فاغتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك غما شديدا وخرج في جوف الليل ينظر إلى آفاق السماء ينتظر من الله في ذلك أمرا فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم وقد صلى من الظهر ركعتين فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخذ بعضديه وحوّله الى الكعبة وانزل عليه (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ...) فكان قد صلى ركعتين الى بيت المقدس وركعتين الى الكعبة فقالت اليهود والسفهاء (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها).
(٣) وفي نور الثقلين ١ : ١١٤ عن أحدهما في حديث القبلة قال : ان بني عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة وقد صلوا ركعتين الى بيت المقدس فقيل لهم ان نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء ، وصلوا الركعتين الباقيتين الى الكعبة فصلوا صلاة واحدة الى قبلتين فلذلك سمي مسجدهم مسجد القبلتين.
(١) عن تفسير النعماني باسناده عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في الآية قال : معنى شطره نحوه ...